الاثنين، 17 أكتوبر 2011

موضوع للنقاش - من صور الفساد صندوق التقاعددد (5)

من ينصف المتقاعدين؟

إبراهيم بن عمران

2011/01/04


من البديهي الأستمرار فى تناول واجبات المجتمع تجاه شريحة مهمة وهى المتقاعدين الذين أمنوا سنوات عمرهم فى خدمة القطاعين العام والخاص ومنذ قانون التأمين فى الستينات إلى قانون الضمان الأجتماعي رقم (13 لسنة 1980) وهو الرقم التشاؤمي لدى أمم كثيرة وحتى القانون الجديد رقم (12) الذى صدر فى العام الماضى 2010 نجد بإن هذه الفئة لازلت تعيش بمعاشات لا تلبي أحتياجات الأسرة وخاصة التى ليس لديها عائل غير رب الأسرة الذي لم يتحصل بطرق شرعية أو غير شرعية على إضافي أو مكافأة ليرتفع من خلالها معاشه التقاعدي أو الضماني.

ومع اعتزازنا الخطوات الإدارية والتنظيمية لتقديم مستوى خدمات أفضل تتناسب وتطورات العصر إلا أن هذا الصندوق لايهتم بمعاناة المتقاعدين وخاصة الذين قضوا أكثر من ثلاثين عاماً وإحيل لصندوق التقاعد منذ سنوات فى حين زملائهم الذين تقاعدوا مؤخراً قد أضيفت لمعاشاتهم الترقيات والعلاوات وأصبحوا يتقاضون معاشات أحسن من الذين سبقوهم .. وقد يقول قائل بإن إدارة الصندوق قد قدمت دراسات ومراسلات للجنة الشعبية العامة لزيادة مرتبات المتقاعدين القدامى وإضافة علاوات السكن ودعم للمعاشات الأساسية لديهم ألا أننا نذكر بإن ظروف الحياة قد صعبت وأن هناك ضعفاً واضحاً فيمن أستحق الثروة ممن تقل معاشاتهم عن مئتين دينار وأصبحوا يتقاضون فى ستمائه أو سبعمائه دينار شهرياً بينما الذين تترواح مرتباتهم بين ثلاثمائه وخمسمائه دينار أصبحوا أقل من المجموعة الأولى بالرغم من درجاتهم وخبرتهم ومؤهلاتهم وهنا تكمن الكارثة فى عدم المساواة بين أصحاب المعاشات وسيتفوق أصحاب العقود بالقانون رقم 12 لسنة 2010 على هؤلاء جميعاً بعد تقاعدهم لتصل إلى سبعمائه فما فوق من الدينارات مع قناعتنا أن أرتباط هذه العقود ستكون تحت رحمة المسؤولين فى المؤسسات أو القطاعات وسيستغنى على خدمات الكثيرين من الموظفين المقهورين كما هو الحال فى برامج إحالة الموظفين كعمالة زائدة والذي ظلم الكثيرون من المعلمين والموظفين مع وجود ملاكات وتوصيف وظيفى إيان فترة اللجان الشعبية للشعبيات.

وفي اجتماع اللجنة الشعبية العامة رقم (26) لسنة " 2010 " تم أقرار تقليص الجهاز إلادارى والذى سيصاحبه تجاوزات وعلاقات شخصية لمن سيتم إبعادهم كمـــــــــا أن (الحكومة) التى لاتهتم بالرفع من مستوى أبناء البلد ولا قراراتهم بزيادة المرتبات ودعم السلع والعلاج المجاني والدراسة المجانية هذه تسمى حكومة وليس لجنة شعبية عامة التى من المفترض عدم أصدارقرارات فوقية ضد المواطن مما سبب الكثير من الفوارق الأجتماعية وكان من واجبها دعم الشباب وإيجاد وظائف لهم ودعم القروض والمساكن الجديدة لفتح حلول لشبابنا الذين تخطوا الثلاثين والأربعين من العمر دون الشروع فى تكملة نصف دينهم وربما سيصلون إلى سن التقاعد وهم بدون زواج أو أولاد .. وقد تستغرب الدعاية المتكررة لبرامج مظلة التقاعد التلفزيونية والتى ليس بها أخبار متفائلة أو مفرحة لمتقاعدينا وهى فقط لشرح فائدة القانون رقم 13 المشؤوم دون زيادة مرتبات المتقاعدين القدامى أو تقديم مساعدات بلا فوائد للجميع أو الشروع فى أنشاء منتديات أو منتجعات أو عيادات لهم وقد تكون مايسمى برابطة المتقاعدين متقاعصة فى الدفاع عن المتقاعدين الذين لايستطيعون التظاهر للمطالبة بحقوقهم كما يفعل المتقاعدين فى الدول المجاورة لنا والذين إزدادت مرتباتهم وأهتمامات المجتمع المدني بظروفهم وتعيينهم كخبراء أو مستشارين فى الكثير من مرافق هذه الدول.

ما نشاهده هو أختيار أفراد من المتقاعدين فى بلادنا مع مسؤول الصندوق ليتحدثوا بإن هذا القانون هو النموذج والمميز عن سائر الدول ويبدوا أنهم لم يطلعوا على نظام التقاعد أو التأمين فى الكثير من دول العالم ومن بينها عالمنا الثالث والذي يفتقد لدخل النفط .. حيث يعيش المتقاعدين فى راحة ورخاه وأهتمام وزيادة فى معاشاتهم حسب ظروف الأزمات الأقتصادية التى تمر وتعيش فيها بلادهم .. نلاحظ وللاآسف الشديد وبعد غياب جمعيات حقوق الأنسان ودور مؤسسة القذافي فى الداخل نلاحظ الطبقية وعدم المساواة داخل أفراد المجتمع الليبي وقد يعجز المتقاعدين عن إيجاد مصحات أو أندية تهتم بحالاتهم أو من يدعمهم لكي يؤدوا مناسك الحج والعمرة التى يستفيد منها الأغنياء فقط. والتساؤل لرابطة المتقاعدين العامة وأمانة الشؤون الأجتماعية العامة ماذا قدمتما للمتقاعدين؟ والعجيب ماذا أستفاد المتقاعدين من أستثمار الفنادق والقرى السياحية والمباني التى يديرها صندوق التقاعد للرفع من المستوى المعيشي لمن أعطى وأفنى وعمل لخدمة هذا الوطن العزيز.

للحديث بقية وأنتظروا التعليقات.
imb_tv@Yahoo.com




الإسم : متقاعد 2011/01/05
صدقت والله ياخي فنظام التقاعد عندنا مقارنة بدول اخرى يعتبر غير دقيق في دراسة احوال الدين قدموا حياتهم لبناء وطنهم ثم تقاعدوا وتناسهم الجميع بمن فيهم المسئول الاول عنهم الا وهو الضمان الاجتماعي وما قلته بخصوص الدين يتقاضون اقل من خمسمائة دينار وحتى المئاتان اصبحوا هم الفئة الفقيرة في المجتمع لان اخوانهم صحاب المعاشات التي تم تسوية اوضاعهم وشملتهم المحافظ الاستثمارية اصبحوا يتقاضون معاشات اكبر منهم والخطاء راجع الى الجهة التي اصدرت هدا القرار ولم تقوم بدراسة جيدة وعلمية على افراد المجتمع .فنحن الان امام معاشات مختلفة للمتقاعدين فاصبحت الفئة التي كانت مؤهلة وتقاعدت تحصل على معاشات اقل من الفئة الغير مؤهلة وكانت تتقاضى اقل من 200 د في السابق .فكيف الحل ادا وباب الوظائف قد اقفل عنهم بتقاعدهم ون يستطيعوا زيادة مرتباتهم بعد ان احيلوا الى التقاعد . فعلى الجهات المسئولة ان تنظر في هده المشكلة التي جعلت المتقاعدين الدين زادت معاشتهم عن 200 د ولديهم اطفال اقل فئة في المعاشات في الدولة الليبية
الإسم : عبدالله الساعدي . بنغازي 2011/01/05
أول ما يمكن ملاحظته هنا هو عزوف التعليقات عن العمل لربما بسبب رداءة المعاشات التقاعدية.
أو ربما تعطلت التعليقات انتظارا لبقية المستحقات التقاعديةوانتظارا لحديث ما زالت له بقية
الإسم : الزعموط 2011/01/05
هذه هي قوانين العظمى ولو رحمة ربك لكان كل المتقاعدين وحسب رغبة القائد العظيم اخذوا القرشين اللي سددوها من مرتباتهم والعاجز منهم يأخذ المعاش الأساسي ولو برغبته لتمنى موت كل المتقاعدين فهم لا فائدة منهم بس يأخذوا مرتبات ويأكلوا وينتقدوا وبس انه يرى بأنه يتصدق بمبالغ كبيرة على هذه الشريحة لو وفرها لاستفاد منها بدفعها لأحد أصدقاءه أو على الأقل استفاد منها احد أبناءه. الغريب أنني عرفت مؤخراً أن المتقاعد الذي تموت زوجته يصرف له مرتب أساسي فقط حتى يتزوج مرة أخرى وان المرتب ثابت ما لم يتصدق سيف أو والده رغم أن زملاءه يترقون في وظائفهم.
الإسم : ابن الفندق 2011/01/05
ممتاز يااستاذ ابراهيم يبدو انك لست من المتقاعدين الجدد ‏‎)‎علي وزن المحافظين الجدد)
الإسم : متقاعد 2011/01/05
كنت اشتغل بمصلحة حكومية لمدة 32سنة وتقاعدت منذ8 سنوات ومرتبي التقاعدي هو 230 دينار ومتطلبات الحياة زادت والصحة تدهورت والوضع لا يسر والشكوى لغير الله مذلة
الإسم : البوسيفي 2011/01/05
السوئل من ينصف اليبين كل وليس المتقعدين
الإسم : شيباني 2011/01/05
لمدة ثلاثين عاما فرض علينا النظام مرتبات القانون 15 سيء الذكر، ليتقاعد الكاتب العام او المدير العام بمعاش يقل عن 400 دينار. وليجد نفسه الان اقل دخلا من موظف صغير حديث التخرج ، بل ليجد طباعا في شركة خاصة يتقاضى مرتبا شهريا يساوي خمسة اضعاف معاشه التقاعدي .
تصور موظفا متقاعدا من خمس او ست سنوات بالدرجة الثانية عشر او الثالثة عشر يتقاضى معاشا تقاعديا لا يزيد عن 10% من مرتب موظف صغير حالي في شركة ليبيانا او المصرف الخارجي فضلا عن شركات النفط . وذلك هو يا سيد ابراهيم وفاء الثورة لمن استنزفتهم لثلاثة واربعة عفود متواصلة . اقول لك لماذا ؟ لأن معمر القذافي لا يتقاعد ولأنه ناكر للجميل.
الإسم : تونسي 2011/01/05
(...) معاشات الموظفين المتقاعدين في تونس (اللي ما عندهاش نفط) يزداد سنويا بنفس درجة زيادة الموظفين الموجودين في الخدمة.
الإسم : منصف 2011/01/05
المتقاعدون من موظفي الدولة الرسميين ، الذين هم من نفس سن معمر القذافي ، هم الجيل الذي خدم نظام معمر القذافي لثلاثين او أربعين عاما ، أي انهم هم الجيل الذي بنى كل ما يعتبره معمر القذافي انجازا لنظامه ، وهم الجيل الذي تعرض لكل مصائب نظام معمر القذافي ؛ تجميدا تعسفيا للمرتبات وتخفيضا مزاجيا للعلاوات وتأخيرا ظالما للترقيات والغاء جائرا للحقوق المادية المكتسبة وزيادة لساعات العمل الرسمي وعذابا في الانتقال الى سرت ومنها ، لتنتهي بهم رحلة الشقاء الى معاشات هزيلة القيمة ثابتة لا تتغير بتغير ظروف الحياة القاسية ؛ فالمتقاعدون في نظر صاحب نظرية (في الحاجة تكمن الحرية) ليسوا مواطنين وليسوا بشرا وليس لهم حاجات ، ولا حق لهم على الدولة التي افنوا اعمارهم في خدمتها ولا حق لهم على المجتمع الذي بنوه لبنة لبنة في اقسى الظروف . والمتقاعدون في نظر معمر القذافي ونظام معمر القذافي وحكومة معمر القذافي لم يعودوا صالحين للاستعمال وقد استنفذوا حقهم في الحياة وعليهم ان يسارعوا بالموت حتى يخف العبء على خزينة دولة النعيم الارضي وحتى يرث نظام اول جماهيرية في التاريخ قيمة معاشاتهم التقاعدية ليدعم بها الافارقة السود ليسودوا العالم الابيض . والفادح ابدا .
الإسم : ابراهيم نوفل 2011/01/05
والله العظيم انك صدقت نحن عائلة مكونة من 6 اشخاص شباب وبنات بدون عمل ونعيش من مرتب الوالد رحمة الله ثلاثمئة وستون دينار فقط لاتكفى حتى اسبوع
نناشد صندوق الضمان الاجتماعى ومصرف الانماء الاسراع فى صرف الثروة لنا ولقد تقدمنا بالمستندات من حوالى اربعة اشهر والى الان لم تصرف لنا
الإسم : محمد الترهوني 2011/01/06
في ضمان بنغازي اذا كنت من اصول اجدابية او من الجبل الاخضر تاخذ سلفة بلا فوائد انني انتظر في دوري منذ اربع سنوات عنصرية لمسؤلي الضمان
الإسم : ابن متقاعد 2011/01/06
مرتب المرخوم الوالد بنقص كل عام ولم نجد اعمال وين العدالة وتوزيع الثروة.كله كذب او للمعارف واصخاب الوساطة كرهنا الحياة الله سينصف حقوقنا عما قريب
الإسم : محبط 2011/01/06
من الملاحظ ان العدالة مفقودة في هذا البلد و هو شئ طبيعي عندما تنهار و تسوء الادارة. انني اعرف بعض الاخوة المتقاعدين المخلصين ممن يتقاضون حوالي 370 دينار شهريا علما بانهم تقاعدوا علي الدرجة الثالثة عشر و عشر علاوات.و من بينهم وكلاء وزارات من غير اللقاقين فهل يجوز هذا في بلد كليبيا ؟ انني اري ان تشكل اللجنة الشعبية العامة لجنة من المتخصصين الشرفاء لاعادة النظر في كافة اللوائح و القوانين المتعلقة بالمهايا و الاجور و اقتراح سياسة للاجور من شانها الحد من هذه الفوضي الغير مبررةو علي ان تنهي هذه اللجنة اعمالها في غضون مدة محددة ربما ثلاثة اشهر. حرام والله ما يحصل في هذا البلد العزيز.
الإسم : مدير عام متقاعد 2011/01/06
ما هو اغرب من الخيال ان يكون المعاش التقاعدي لموظف مسؤول بالدرجة الثانية عشرة او الثالثة عشرة خدم البلاد لخمس وثلاثين سنة ، لا يتجاوز 400 دينار ؛ في حين يتقاضى محظوظون لم يخدموا الدولة يوما واحدا في حياتهم مبلغ 500 دينا شهريا كعوائد محفظة استثمارية حصلوا عليها بالواسطة والمحسوبية ، فآلاف من اصحاب المحاقظ الاستثمارية هم ليسوا من ذوي الحاجات اطلاقا، فمنهم التاجر ومنهم صاحب الورشة ومنهم صاحب العمارة المؤجرة ومنهم مالك المزرعة المنتجة ومنهم رجل الاعمال الخ ، فالمهم ان لا تكون موظفا كبيرا متقاعدا ، والمهم ان تكون مدعوما بواسطة احد النافذين .
والعيب فيك انك ايها المسؤول السابق المحال للتقاعد (موش خانب) .
انها ارض العجائب والتناقضات واللامعقول وخود ولّا خلِّي !
الإسم : مثقف ليبي 2011/01/08
الأخ الأستاذ الفاضل:-ابراهيم بن عمران يامن تحمل ماجستير في الإعلام ويا من توليت أمانة الاعلام في بداية الالفية الثالثة ..وأشهد ويشهد قبلي الله لم تنال ثقافة بنغازي حتى الأن شخصا مثقفا وأمينا مثلك ولعلى روعة أمانتك هذه تجسدت عندما عينت أنسانا نقيا مثل نقاؤثك ووطنيا مثل وطنيتك واحترمني عندما أقول مثقفا أكثر من ثقافتك وهذا لايقلل من ثقافتك ..ولكنك وضعت أمانتك الشعبية في ايدي أمينة عندما عينت أطهر الناس نقاوة وأكثرهم وطنية ونخن في بنغازي نعرف ثقافته في اللغة عربية معرفة وصوتا أنه الكبير الراحل الإذاعي والشاعر محمد المهدي مديرا لثقافتنا في بنغازي ونحن أهل بنغازي نعلم مقدارك ومقدار هذا الشامخ محمد المهدي وأنتم لم(تبزنسوا كما بزنس الغير في ثقافتنا) وكما من أمسية وأصبوحة شعرية أقمتوها في أعظم مصارحنا العلمية في بنغازي (جامعة قاريونس - مركزالفاتح للمتفوقين ..الخ ) ولم تكلف سوى (تارمس شاي)وطبق حلوبات لايكلف سوى عشرين دينارا وكانت تضم أكبر الشعراء ((حسن السوسي والماجري والراشد والمهدي ومنهم من أصبح الأن من كبار الشعراء مثل صالح قادربوه وعصام الفرجاني) وأنتم لم تسرقوا ولكن في تلك اللخظة كان هو المتاح لكم وكان شعاركم فلتحيا الثقافة انت في عصر ثقافتك وثقافة محمدالمهدي شاهدنا على مسارح بنغازي وعبر شاشات وطننا ليبيا مسرحيتي المستشفى وكوشي ياكوشه.لانكم مثقفون أصلا ومفصلا وأنا الذي أعترف بثوريتك وهذه ميزة لا تعيبك وياليث كل الثوريين أمثاللك فالثورية هناك أشخاص تعيبهم. ولكن ثورية بن عمران الذي آمن بثوريته وثورثه العظيمة لاتعيبه وياليث كل من يدعي الثورية مثلك وولكن من يعيبه هو من شوه هذه الثورة والثورية من أجل مكاسب شخصية وختاما أقول لك هل تعلم بأن من تحاطبهم هم سرارقة أموالنا وأموال اولادانا.
الإسم : ابراهيم بن عمران 2011/01/09
تحياتي لجميع المعلقين وأشكر بالذات المثقف الليبي الذي يبدو يعرفني عن قرب واحرجتني من هذا الاطراء ولاننا نحب ليبيا ونعشقها حوربناونادم على العطاء الذي فدمته منذ صغري والان متقاعد بمعاش لايزيد عن 370 دينار ولو انني اريد الحرام لكان معاشي مع المكافاءت والعلاوات اكثر ولكنني ابعدت عن الاعلام والاذاعة وكذلك قورينا ان مخرج ومعد برامج ولا ادعي بان اكون صحفيالم ادخل للجان الثورية بل كنت ثوريا واحب التغيير والتطهير لصالح سعبنا الطيب وليبيا الغالية بالرغم من عدم انصاف المسؤلين لي وخاصة في بنغازي التي اعشفها واموت من اجلها وكانت النتيجة ابعادي من الاعلام والاذاعة وان غدا لناظره قريب والبركة في تفدير امثالكم وتحية لارواح علي الفزاني وخليفة الفاخري ومحمد المهدي وخديجة الجهمي وهم قدوة للعطاء والعفة والتواضع.وشكرا للجميعواعتقد بان هذا المقال سيسبب لي المشاكل كما حدث لي عندما كتبت .نريد تغييرا جذريا.
الإسم : علي الورفلي 2011/01/09
أحييك استاذ ابراهيم وربي يخفظك ويرعاك هل الحكومة ستحس بمعاناتنا
الإسم : متقاعد تعبان 2011/01/11
اشاعات داخل اروقة الصندوق المليان باموالنا تقول بان هناك قرار قد اعده الدكتور احمد بالتمر المدير السابق للصندوق بزيادة المتقاعدين القدامى حقهم في علاوة السكن 25بالمئة من المرتبات الاساسية وشكرا لتحركم في هذا الوقت الخطير قبل ان ننفجر كتونس والجزائر ومصر

صندوق الانماء الاقتصادي والاجتماعي

برنامج تنمية الثـــروة


وصولاً الى تحقيق الغاية المنشودة في توزيع الثروة لمستحقيها في اطار من العدالة ، و لتمكين الاسر الليبية محدودة الدخل من تكوين اصولها المادية لتحسين أوضاعها المعيشية عوضاً عن الاعتماد على المعاشات الاساسية والضمانية ، وتأمين حاجاتها الأساسية المتمثلة في السكن ، والمركوب ، والتعليم ، والعلاج والدواء بما يؤمن لأفرادها الحياة الكريمة ، والمستقبل الزاهر ، والتشجيع على العمل والإنتاج ، وتنمية ثرواتهم وأصولهم وتحقيق تنمية وطنية شاملة يتحقق من خلالها الزيادة في حجم الاستثمارات المباشرة ، وزيادة فرص العمل , وزيادة حجم الثروة الوطنية ، وضمان توسيع قاعدة الملكية للشركات والمؤسسات الوطنية التى يساهم فيها جميع شرائح المجتمع ، وتحفيز المواطنين على الانتاج ، والحد من التضخم وأثاره ، ، تم تنظيم برنامج توزيع الثروة بأسس و آليات تكفل ذلك .

الفئات المستهدف استفادتها

تضمنت الشرائح المستهدفة للاستفادة من البرنامج ، الأسر من ذوي الدخل المحدود والتي يتبث المسح الاجتماعي و الاقتصادي حاجتها لتحسين مستوي المعيشة برفع دخلها من خلال تملك حصة من ثروة المجتمع وحصولهم على عوائد استثمارية، وخصوصا الأسر من الفئات التالية:
- صحاب المعاشات الأساسية من الأسر الذين يعولون(3)أفراد فأكثر .
- أصحاب المعاشات الضمانية من الأسر الذين يعولون(3)أفراد فأكثر ولا يزيد دخلها
الشهري عن (200)دينار.
- الأسر من ذوي الدخل المحدود والتي لا يزيد دخلها عن (200) دينار شهرياً.

محفظة تنميـــــة وتوزيع الثـــــروة
أسس تكويــن المحفظـــة

يتم تكوين محفظة تنمية وتوزيع الثروة لصالح الأسر محــدودة الـدخـــل الذين تقـل دخولهم عـــن (200) دينار شهريا و تتكون من ثلاثة افرد فأكثر وتصدر الوثائق
الاستثمارية بشكــل أساسي للأسر من أصحاب المعاشات الأساسية و التقاعدية ومحدودي الدخل التي تســفر نتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي الميداني
والإجراءات المنظمة لشـروط الاستحقاق عن محدودية دخلهم ، وتصدر لكل أسرة وثيقة استثمارية بقيمة أساسية (30000) ألف دينار وبمراعاة التكوين الأسري تصل إلى (50000) دينار .
- مدة الاستثمار : خمس سنوات من تاريخ الإصدار قابلة للتجديد.
- يكون تاريخ استحقاق الوثيقة في نهاية المدة المحـددة للاستثمار، ويجوز في هـذا التاريخ استرداد القيمة المستثمـرة وعوائدها المتبقية حسب التقييم المعتمد او اعادة استثمارها .
- يعتبر سوق الاوراق المالية المرجعية لتقييم المحفظة في تاريخ الاستحقاق باستخدام الطرق المحاسبيـة المتعارف عليها من بيوت الخبرة العالمية .
- يتولى الصندوق ادارة المحفظة ويتقاضى رسـوم خدمات مقابل ذلك بنسبــة (2%) من صافي العوائد .
- تمنح إدارة المحفظة توزيعات شهرية تحت الحساب وفقاً للميزانية التقديرية المعتمدة ، يتم تسويتها في تاريخ الاستحقاق .
- تمنح الوثيقة حاملها الحق في الحصول على مزايا عينية وذلك بضمان الوثيقة وعوائدها .
- تؤول كافة حقوق الوثيقة عند وفـاة مالكها لورثته حسب أنصبتهم الشرعية على ان يعينـــوا من بينهم وكيلاً .
- حقوق الملكية للوثيقة محفوظة طبقا لنظام الإيداع والقيد المركزي بسوق الأوراق المالية الليبي.

المدفوعـات النقدية والمزايا العينية
أ‌) المدفوعات النقدية .
1) المدفوعات الشهرية :

الدفعات الشهرية

البيـــــــــــــــــان

220 + علاوة العائلة

أصحاب المعاشات الاساسية

220 - المعاش التقاعدي

أصحاب المعاشات التقاعدية

220 دينار

محدودي الدخل


2) المدفوعات السنوية :ـ
صافي العوائد التي يتقرر توزيعها تحت الحساب بعد خصـم ما تم سداده خلال العام لجميع الفئات المستفيدة .
تتمثل المزايا التى يتمتع بها اصحاب الوثائق الاستثمارية
بضمان العوائد وقيمة الوثيقة في الأتي :ـ
1- ضمان الاقتراض لبناء او شراء مسكن .
2- العلاج والـدواء والغذاء.
3- التعليم التأهيلي والتدريـب .
4- شراء السلع المعمرة والمركـوب .
5- ضمان قروض المشروعات الأسرية .

التقاعد العسكري ليبيا

موضوع للنقاش - من صور الفساد صندوق التقاعدد (4)


كتب بواسطة اعبدالمطلوب عبدالدائم الوحيسي, تاريخ 25-09-2008
أوقفوا أمين لجنة إدارة صندوق التقاعد الدكتور احمد بالتمر
للأسباب التالية :
1- ما تم كتابته بشأن اجهزة الحاسوب المضروبة و معدات الحاسوب التي تم شرؤها باغلي من قيمتها الاصلية صحيح - وهو يشمل اجهزة حاسوب عالية و محمولة و كمرات و ربط شبكي بين الفروع و مكاتب الخدمات و تعاقدات مختلفة و كلها تحتوى تلاعب في الاسعار و تم شروها باغلي من قيمتها او غير مطابقة للمواصفات المطلوبة - و يعلم بها صلاح التليسي وهو الفاتق الناطق باسم امين لجنة الادارة و كل الامور تتم بمعرفته
2- والدليل علي ذلك اخر صفقة اجهزة حاسوب تم ايقاف شرؤها في ففرع بنغازى وعددها 150 جهاز حاسوب تم شرؤها بمعرفة رئيس قسم الشئون المالية محمد محزوم الفيتورى - و رفضت لجنة الاستلام استلامها بسبب عدم مطابقتها للمواصفات و ثبت انها بضاعة استوك و غير مطابقة للمواصفات المطلوبة . و قيمتها الاجمالية حوالي 250 الف دينار ليبي .
3- صندوق التقاعد ايراداته تكاد بالكاد تغطي مصروفاته - و لا يحقق اى فائض الا في اشهر قليلة في السنة وهو يلفظ انفاسه الاخيرة - و لكن السيد الامين اصر علي صيانة 58 مكتب خدمات بقيمة تتجاوز اكثر من 12 مليون دينار و بعضها تمت صيانه و البعض الاخر لم تتم صيانه و الاخر قيد الصيانة حاليا - كما لو ان اصحاب المعاشات لا ينقصهم سوى صيانة مكاتب الخحدمات - و موضوع صيانة مكاتب الخدمات يحتوى امور اخرى مختلفة تمت تحت صيانة مكاتب الخدمات و منها شراء سيارات فارهه تزيد قيمتها عن 30 ثلاثون الف دينار للسيارة الواحدة - و ان اردتم الدليل اسألوا الاخ/ الامين كيف تمت اجراءات شراء سيارة الكامرى الخاصة بالاخ/ عبدالله المصرى الفضيل بفرع بنغازى و غيرها .
4- ايرادات الصندوق متدنية جدا و اجهزة التفتيش و التحصيل بكافة الفغروع غير قائمة بواجباتها و تعاني من تقصير واضح في جباية الاشتراكات الضمانية . و لم يقم بمتابعة ادارة التحصيل و التفتيش والاشتراكات - حيث توجد شركات اجنبية سافرت و عليها التزامات كبيرة لصالح الصندوق و توجد جهات اخرى لا تقوم بالسداد و يوجد عاملون لحساب انفسهم لم يتم تسلجيلهم ضمانيا و لا سداد الاشتراكات عنهم
.
5- يوجد تاخير كبير وولاضح في تسوية المعاشات الجديدة بكافة الفروع والادلة علي ذللك كثيرة و يمكنكم متابعة تسوية المعاشاتت الجديدة - و الدليل علي ذلك لا يحتاج للتوضيح فاكثر من 50% من المتقاعدين الجدد الذين تقاعدوا منذ ثلاثة اشهر لم تتم تسوية معاشاتتهم حتي الان .
6- يضن الاخ/ الامين انه يمكنه اسكات الراى العام الليبي بالسلف و لقد بلغت قيمة السلف اكثر من 10 مليون دينار ليبي سلف بكافة الفروع مع العلم بانه لا يوجد اى بنذ في مبزانية الصندوق يسمح بصرف اى سلف مالية لاصحاب المعاشات - و الادهي من ذلك قام بشجيع مدراء الفروع علي صرف السلف الشخصية حيث بلغت قيمة بعض السلف اكثر من ثمانية الاف دينار لصاحب المعاش الواحد - و الادهي من ذلك - استهتر مدير فرع بنغازى و قام ببيع قطعة ارض خاصة بالصندوق و قام بصرف قيمتها ( 500 ) الف دينار سلف لاصحاب المعاشات - و قام لم افعل شيء ارض اصحاب المعاشات بعتها و حولتها لهم سلف شخصية شنو صار في الدنيا = و لكن ما هي قيمة الاض الحقيقية و كيف بيعت و لماذا بيعت و ما وراؤها ذلك هو الموضوع .
7- يوجد مدراء فروع و رؤساء اقسام مؤهلاتهم مضروبة او لديهم ثانونية عامة او قل من ذلك - و مدراء ادارات و رؤساء اقسام بالادارة العامة لا يوجد لديهم اى خبرة لتسيير العمل و الامثلة كثيرة .
8- فشل في وضع نظام متين و حقيقي للايرادات و نظام حقيقي للمصروفات و فشل في مووع الميكنة و المنظومات الضمانية - وجميع المنظومات الضمانية فاشلة و يمكن اختراقها بسهولة و لا يوجد بها سرية معلومات و لا انظمة الامان -
9- تخصص الاخ/ الامين في السفر خارج الجماهيرية العظمي حيث سافر اكثر من 7 سبع من مرات خارج الجماهيرية خلال عامين و نصف - دهوارى - و سياحة علي حساب المضمونين
10- المعني تخصصه ادارة اعمال - و لا يفقه شيئا في الميزانيات و الاستثمارات و المالية و الحسابات - و صندوق التقاعد لا يحتاج الي دكتور تخصصه ادارة يا ناس يا هوووه صندوق التقاعد مصروفاته 900 ميلون دينار في السنة و استثماره كبيرة جدا و ايراداته تحتاج الي تطوير - و تكلفون عليه ادارى غير مستوعب للعمل الضماني و لا يفهم فيه خط أليف - وهو موجود منذ ثلاث سنوات و يعلم الله وحده متي تنتهي ولايته علي صندوق التقاعد

الأحد، 9 أكتوبر 2011

مقدمة في الضمان الاجتماعي

بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الجزء الاول من مجهدودات وعمل في مجال الضمان الاجتماعي منذ حولي 15 سنة في الضمان في ليبيا .
ارجو التعليق ونظرا لان كل الكتب حول الضمان الاجتماعي عند العالم العربي يتسم بغرق في المحلية

حمل من هنا:http://www.4shared.com/file/kBRtS8oe/_____.html

السبت، 8 أكتوبر 2011

من منكم يعرف الأستاذ المرحوم "إبراهيم الفقيه حسن "


من منكم يعرف الأستاذ المرحوم "إبراهيم الفقيه حسن " إلي كل من يمجد الحثالة التي عملت في عهد الدكتاتور هذا هو إبراهيم الفقيه حسن
إبراهيم الفقيه حسن هو النجل الأكبر للزعيم الوطني الكبير على الفقيه حسن، الذي عقد في منزله بوسعاية الفقيه حسن سنة 1944 أول تجمع وطني تم الاتفاق فيه على تأسيس الحزب الوطني ووضع ميثاق ( أول حزب سياسي فى ليبيا ) بعد هزيمة الألمان على الجبهة المصرية ، فى الحرب العالمية الثانية وخروج الطليان النهائي من ليبيا .
وانتخب الاجتماع الموسع التأسيى ، شقيقه الشاعر الأديب ، الأستاذ احمد الفقيه حسن رئيسا للحزب . وقد أسس على الفقيه حسن بعد ذلك بسنتين ،حزب ( الكتلة الوطنية الحرة ) الذى تصدى سنة 1948 و49 للمناورات الاستعمارية ورفض كل المساومات التى أرادت إدارات الاحتلال البريطاني والفرنسي أن تخترق بها صفوف المطالبين بالاستقلال الكامل ووحدة التراب الوطني والمتشددين فى العمل على إقامة الدولة المستقلة على أساس من الإرادة الشعبية الحرة وروح العصر واتجاهات التقدم .
وقد نشأ الشاب إبراهيم الفقيه حسن فى وسط شباب هذا الحزب وشارك فى كل مواقع نضاله ، وتوجه سنة 1950 إلى مصر ليلتحق بكلية الحقوق فى جامعة الملك فاروق بالإسكندرية ، التى سميت بعد انقلاب يوليو 1952 بجامعة الإسكندرية ، وبعد تخرجه وإنهاء دراساته ،عاد إلى أرض الوطن وتفرّغ للمشاركة فى خدمة بلاده ، فعيّن مستشارا قانونيا لوزارة العمل والشئون الاجتماعية ، وفى عهد وزارة السيد محمد عثمان الصيد ، أختاره الصحفي الوطني والبرلماني البارز، الوزير، الأستاذ عبد المولى لنقى ليكون المدير العام لصندوق الضمان الاجتماعي ، الذى تحوّل بعيد ذلك إلى ( مؤسسة الضمان الاجتماعي ) حيث نجح المرحوم إبراهيم ، بثقافته وخبرته ونزاهته ، فى استكمال هياكلها التنظيمية والقانونية وكوادرها الإدارية ومرافقها الفنية والصحية حتى تتكامل إمكانياتها وتشمل بخدماتها الاجتماعية والتأمينية أوسع الفئات من مستحقي هذه الخدمات .. من الموظفين والعمال وأفراد الشعب .
كما اختير الفقيد إبراهيم الفقيه حسن إلى جانب مهامه ، بما عرف عنه من استقامة ونزاهة وصلاح ، عضوا فى عديد من اللجان الإدارية والفنية والعلاقات مع الدول ، وكان عضوا أيضا فى اللجنة التى شكلتها وزارة النفط سنة 1966 لفحص طلبات المتقدمين من شركات النفط العالمية ، المشاركة فى العطاءات الدولية ، للحصول على امتيازات جديدة للتنقيب عن النفط .
ومثل الفقيد الراحل بلاده ، فى عديد من المؤتمرات الدولية ، وتلقى دعوات من دول أوروبية لزيارة بلدانها والتحدث عن مشاريع ( التأمين الاجتماعي ) وعما حققته المملكة الليبية من تقدم وإنجازات فى مجال الخدمات الاجتماعية التى سبقت بها المملكة الليبية ، معظم بلدان الشرق الأوسط بما فى ذلك مصر!
وكان الاتحاد السوفييتي أحد أهم الدول التى دعت الأستاذ إبراهيم الفقيه حسن فى منتصف الستينات ، وفوجئ السوفيت - من خلال مؤتمراته الصحفية - ومحاضرته التى ألقاها فى إحدى قاعات " الحزب الشيوعي " الكبرى فى موسكو ، بما تقدمه الدولة ( فى المملكة الليبية ) من اهتمام خاص بهذا الجانب وما حققته على صعيد الخدمات الاجتماعية من تقدم ! بعد " الانقلاب " الذى داهم المملكة الليبية واستيلاء العسكر الصغار على السلطة فى الأول من سبتمبر 1969، تعرض إبراهيم الفقيه حسن مثل ما تعرض له الكثير من الكوادر المهمة للعهد الملكي للإهمال والتهميش واللامبالاة ، ثم قرر" العسكر" بناء على " نصيحة " من مستشاري الرئيس جمال عبد الناصر ضرورة الاستعانة ببعض كفاءات العهد ( المباد ) لتسيير العمل وتحسين صورة الانقلاب وطمأنة الأجانب ؟ فأعيد الفقيه حسن إلى دائرة الضوء ومراكز الاهتمام ، ثم ما لبثوا أن عينوه وزيرا لشئون الضمان الاجتماعي ، ولكنه رغم الأجواء التى سادت البلاد من خراب الذمم واستغلال المراكز الوظيفية المتقدمة والسباق نحو جمع المال ، ظل إبراهيم الفقيه حسن هو النموذج السليم والقليل من " الليبيين " الذين لا تغيرهم الظروف ولا تحيد بهم عن جادة الاستقامة والصدق والنزاهة وينزلقوا إلى مستوى الشبهات ومواقع الزلل .. ونفذت بأمره وفى عهد إدارته مشاريع بناء مجمع ( ارم ذات العماد ومبنى الهوتيل الكبير ) وغيرها من مشاريع الاستثمار لصندوق الضمان الاجتماعي ، وبقى إبراهيم الفقيه حسن كما هو ، ذلك الرجل الشريف والموظف الأمين الذى لا تمتد يده إلى أبعد من راتبه الشهري ويعيش عيش الكفاف ، بينما يغرف " الآخرون " باليمين والشمال ، ويشيدون أهرامات المال المنهوب ، خارج البلد وهم يرددون بصفاقة وعهر : كل هذا من فضل .. ربّى !!
ولذلك لقي الرجل ، جزاءه من أولى الأمر، فى جماهيرية الغوغاء والحثالات والفوضى ، بعد إحالته للتقاعد ، كل الإهمال والجحود والحقد الذى تمثل فى تعمّد عدم الاهتمام بانهيار صحته والإصرار على عدم إرساله للعلاج فى الخارج ، كما هو الشأن فى التعامل مع عملاء النظام ، وكما كان يحظى به خدمه ولصوصه وعناصر تسلطه ممن هم على شاكلة : على خشيم وعلى مصطفى الظراط ، والإرهابي الدموي محمد المجذوب ، أولئك الذين توفدهم ( دولة الحقراء ) ليس فقط للعلاج فى الخارج على حساب المجتمع ، بل للتسوّح والاستشفاء والاستجمام فى منتجعات سويسرا ومصحات فرنسا وإنجلترا ، على مدى الشهور والأعوام !!
وتشاء الأقدار، أن يرقد إبراهيم الفقيه حسن بالمستشفى الذى كان يسمى بمستشفى ( كانيفا ) والذي تمكن إبراهيم نفسه من افتكاكه ، من طرف محتليه الانجليزسنة 1964 ليحوّله بالجهد الذى بذل إلى أرقى وأهم مستشفيات الضمان الاجتماعي فى المملكة ، وتشاء الأقدار أن يبقى به فى عهد انهيار المرافق الصحية " للجماهيرية " وانحطاط هذا المستشفى واضمحلاله ، حتى لقي وجه ربه يوم الجمعة الماضية !
إبراهيم الفقيه حسن ، حسن السيرة وعظيم الأخلاق ، متزوج من سيدة إنجليزية له منها شاب وشابة ، وخرج من هذه الدنيا على الرغم مما مر به من فرص وإمكانيات ، خرج براتبه التقاعدى والمنزل الذى مكنته الحكومة من السكن فيه . ولكنه سيلاقى وجه ربه بما وعد به الإله العادل ، المتقين والأبرار والصالحين من عباده .
رحم الله إبراهيم الفقيه حسن رجل الكفاءة والاستقامة والنزاهة والصلاح وأكرم مثواه وأسكنه فسيح جنانه ، مع الصدّيقين والأبرار والصالحين ، وشهداء الكارثة التى حلت بليبيا ومع ضحايا هذا العهد المظلم الفاسد الرديء .

الجمعة، 7 أكتوبر 2011

منظومة الفساد

الطراف عبد الوهاب

هناك عدة معان لظاهرة الفساد، فتارة تأخذ معنى الرشوة وتارة أخرى تأخذ معنى الاختلاس وأحيانا توصف بالمحاباة أو التدليس أو الحياد عن الحق. وهي في حقيقة الأمر كلها مفاهيم ومصطلحات تعكس ظاهرة الفساد، وتختلف نسبة تفشيها من دولة لأخرى، حسب درجة تقدمها أو تخلفها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والقانوني، إضافة إلى طبيعة الثقافة السائدة، تبعا لطبيعة التنشئة الاجتماعية والسياسية التي يتلقاها الأفراد، دون إغفال مسببات أخرى لهته الظاهرة.

وهكذا ترى سوزان روز أكرمان ( وهي بالمناسبة باحثة مهتمة بظاهرة الفساد ) أن الفساد هو " أحد الأعراض التي ترمز إلى وقوع خطأ في إدارة الدولة" بمعنى أن المؤسسات التي وجدت خصيصا لإدارة العلاقات المتداخلة بين المواطن والدولة، أضحت تستعمل عوض ذلك كوسيلة للإثراء الشخصي وإهداء المنافع إلى المفسدين.

إنه " سلوك يخالف الواجبات الرسمية للمنصب العام، تطلعا إلى مكاسب خاصة مادية أو معنوية، أو هو سلوك مناطه انتهاك القواعد القانونية بممارسة أنواع معينة من التأثير تستهدف تحقيق منفعة خاصة " . فالفاسد يستغل منصبه ونفوذه، لتحقيق مكاسب شخصية مخالفا بذلك المبادئ القانونية التي قد تحرم مثل هذا السلوك المشين.

ومما لا شك فيه أن ارتفاع مستوى الفساد في أي مجتمع، هو انعكاس لغياب " الحكامة الجيدة " أي غياب الحكم الصالح، فوجود الحكامة الجيدة، بما تفرضه من إجراءات وضوابط، كفيلة بالتقليص من ممارسات الفساد إلى أضعف مستوى، إذ تتجلى الحكامة الجيدة في العديد من المبادئ التي من شأن توافرها تضييق الخناق على الفساد والمفسدين. ومن هذه المبادئ مثلا:

-العقلانية في اتخاذ القرارات وتسيير المؤسسات، بدل الارتجال والعشوائية والمزاجية.

-الالتزام بقواعد القانون والخضوع لأحكامه التي ينبغي أن تكون عادلة وواضحة ومعروفة عند الجميع.

-الحد من احتكار السلطات وتركيزها في أيدي زمرة محدودة من الأفراد، أو بعض المؤسسات فقط دون غيرها.

-توافر المساءلة والشفافية، وهذا هو الأهم، فبدون الشفافية لا يمكن الحديث عن الديمقراطية والتنمية، بل يمكن القول بأن الشفافية والمحاسبة هي جوهر الديمقراطية ولبها، ففي غياب الشفافية يستشري الفساد ويتعاظم. غير أنه حتى وإن وجدت بعض أجهزة الرقابة، فإن تواطؤ المفسدين – نظرا لتقارب مصالحهم وتداخلها – يجعل هذه الأجهزة مشلولة وشبه منعدمة. (ما حصل مثلا مع القرض العقاري والسياحي، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي).

إن فعالية الإطار المؤسسي، تزداد بوجود حكم القانون والمساءلة والشفافية، مما يساهم في مقاومة الفساد، بحيث يضمن توزيعا عادلا وقانونيا للسلطة، ويمنع احتكار القوة والنفوذ بيد زمرة من المسؤولين الفاسدين الذين يعملون على تأبيد الفساد وإعادة إنتاجه.

غير أن تجذر ظاهرة الفساد وانتشارها بشكل واسع، يجعلها مكونا مقبولا داخل المجتمع، بحيث لا ينظر إليها بصفتها تجاوزا وخرقا للقوانين والحقوق المشروعة، بل تصير بمثابة ثمن مناسب، ينبغي دفعه كمقابل لنيل الحقوق والخدمات المضمونة قانونا ( مثلا حالة الرشوة التي تدفع من طرف المرضى أو ذويهم للاستفادة من الخدمات الطبية رغم تواضعها).

لعل أخطر ما يتولد عن ظاهرة الفساد، هو ذلك الخلل الذي يصيب أخلاقيات البشر وقيم المجتمع، مما يؤدي إلى ذيوع حالة ذهنية لدى الأفراد تبرر الفساد وتجد له من الذرائع ما يبرر استمراره، بحيث يصبح مقبولا لديهم، بل ومرغوبا فيه.

غير أن الأخطر من ذلك هو أن تكون هناك بيئة ملائمة تحضن الفساد وتحمي الفاسدين، بمعنى أن تلك البيئة غالبا ما تطلق العنان للفساد كي يستشري، دون متابعة الفاسدين وكبح جماحهم، مهيأة بذلك للفساد كل فرص النمو والتوسع.

ولا شك أن مسألة الحصانات والامتيازات ومواقع النفوذ، قد تقف حجر عثرة أمام عملية مكافحة الفساد، خاصة إذا علمنا أن الفساد ينشط أكثر في القطاعات العامة المشمولة بهذه الامتيازات. ذلك لأن منحها لبعض الموظفين يحد من ملاحقتهم أو مساءلتهم عن المخالفات أو الجرائم التي قد يقترفونها بسبب أو بمناسبة ممارستهم لوظائفهم.ومن ثم يفقد القانون قوته وهيبته بين أفراد المجتمع، خاصة حينما يتأكد للمواطن العادي أن القانون لا يطبق ولا يحترم في معظم الحالات، وهو ما يفسر الارتفاع المهول لمعدل الجريمة بمختلف أنواعها، ما دام هناك تساهل كبير في زجر مرتكبيها.

ويبقى مجال الصفقات العمومية مرتعا خصبا للفساد والمحسوبية والواسطة والرشوة بجميع أصنافها. لهذا السبب صرح الوزير الأول ادريس جطو بأن الدخول السياسي المقبل سيعرف اتخاذ عدة إجراءات منها: ( التسريع بإحداث الهيئة المستقلة للوقاية من الرشوة، وتوسيع مجال القانون المتعلق بالتصريح بالممتلكات إلى فئات جديدة من أعوان الدولة الممارسين لمهام حساسة، وعرض مشروع القانون المتعلق بتبييض الأموال، وتعزيز الإطار القانوني المنظم للصفقات العمومية).

وترى روز أكرمان أن الفساد يمكن أن يخلق وضعا احتكاريا، بسبب احتكار المسؤولين وسيطرتهم على المعلومات الأكثر قيمة، ومن ثم تتشكل شبكات في الظل تقوم بتوزيع الغنائم المحصلة بين أعضائها، وتعمل على ضبط آليات اشتغال الفساد، بحيث يكتسب الفساد نوعا من المؤسسية في إطار هته الشبكات. وتتحكم هذه الشبكات في إمكانية وصول باقي الأفراد بتساو إلى الموارد، بل تصبح إمكانية الاستفادة مرتبطة ومرهونة بدفع الرشاوي، أو تقديم المقربين من بؤرة الفساد على ذويهم.( مثلا التعيينات في مناصب حساسة أو ذات قيمة أو تعويضات عالية داخل الإدارة المغربية )

فعندما ينتظم المفسدون في شبكات قوية وضاغطة، تصعب عملية مكافحة الفساد بطرق قانونية، لأنه يتحرك ضمن الدولة وليس خارج أجهزتها. وفي هذا الإطار يرى أنطوان مسرة أن الفاسدين الكبار يتوغلون في قلب النظام، بحيث يصبحون قييمين على الدولة، إلى درجة أنهم يتحكمون في التشريع والملاحقة والمساءلة، متحصنين بذلك من خلال السلطة والقوانين.

إن منطق التعددية الحزبية – كما تعرفه منظومة الحكم الديمقراطي – والتناوب على الحكم قد يحول دون احتكار طرف سياسي معين للقوة والنفوذ لمدة أطول، بحيث يجعل الأقلية المعارضة في حالة تتبع مستمر ورصد دائم لأخطاء الحكومة وزلاتها. وهكذا يمكن القول بأن مبدأ التداول على الحكم يجعل سلوك وممارسات متخذي القرار مكشوفة أمام المعارضة، مما يجعل إمكانية استعمال أساليب التستر وراء سلطة النفوذ، عملية صعبة وجد معقدة.

والتداول هنا لا يقصد به فقط التداول على السلطة الحكومية، بل أيضا التداول على المناصب والوظائف العامة. وفي هذا الإطار يقول طارق البشري " إن التداول هو العنصر الأساسي الذي تستقل به الوظيفة العامة عن شاغلها وينفصل به المنصب العام عن شخص من يعمل به مستخدما سلطانه "

فبدون تغيير الأفراد وتبديلهم من مناصبهم، يندمج المنصب العام مع الشخص الذي يشغله، فيصبح شأنا خاصا به، ومن ثم يصبح هذا المنصب ملحقا بشؤونه الخاصة، مما يفقده عموميته وموضوعيته، وهذا ما يصطلح عليه بشخصنة السلطة أو المنصب العام. ويزداد الأمر خطورة، حينما يستمر هذا الشخص في تقلده للمنصب لمدة أطول. لهذا يبقى مبدأ التداول أو التناوب من بين الضمانات الأساسية للسهر على تسيير الشأن العام.

إن مكافحة الفساد في الأنظمة الديمقراطية، هي عملية مستمرة ودائمة، لأن النظام الديمقراطي يفترض من ما يفترض انتخابات حرة ونزيهة، فالانتخابات قد تكون فرصة لإزاحة المفسدين، كما تفترض فصلا بين السلطات، وذلك للحد من استغلال النفوذ، وتتطلب أيضا قضاء مستقلا ونزيها ، يعمل على تطبيق القانون لا على خرقه ، ويحمي الأفراد والجماعات من التسلط ونهب الأموال العمومية.

وللقضاء على هته الظاهرة يقترح محمود عبد الفضيل مجموعة من الحلول يجملها في النقط التالية:

1-توسيع رقعة الديمقراطية والمساءلة: وهذا يتطلب توسيع دوائر الرقابة والمحاسبة، سواء من طرف المجالس التشريعية ومختلف الأجهزة الرقابية، أو من طرف هيآت المجتمع المدني وكذا وسائل الإعلام، وذلك لتحقيق أكبر قدر من الشفافية والنزاهة. غير أن الضمان الحقيقي للحد من معضلة الفساد يكمن أساسا في مبدإ التداول على السلطة، حتى لا يدوم الفساد ويعشش لمدة طويلة، بحيث يتم توارثه والتستر عليه. فالمكوث في السلطة لمدة طويلة من شأنه أن يشجع على الفساد ويحرض عليه ( حالة بعض المسؤولين الإداريين الذين يقضون مدة طويلة على رأس بعض المصالح أو الأقسام، رغم أن المبدأ الإداري يقضي بتغييرهم كل أربع سنوات ) فالمكوث في المنصب العام يجعل المسؤول الإداري لا يهاب القانون، مما يدفعه ويشجعه على الفساد، ما دام ليس هناك من يحركه من منصبه.

2-الإصلاح الإداري والمالي: فلا بد من وضع الضوابط والقواعد اللازمة لمنع التداخل بين المال العام والمصالح الخاصة، مع القضاء التدريجي على مفهوم ( الدولة – المزرعة ) ، إذ لا زال البعض يعتبر الوظائف العامة " بقرة حلوب " .

3-إصلاح منظومة الأجور: بحيث ينبغي تحسين أوضاع صغار الموظفين الذين يساورهم الفقر، فيجدون في الرشوة الصغيرة أو سرقة المال العام ملاذا لسد العجز الحاصل في " ميزانية " ذويهم، حتى وإن كان مشكل الفقر ليس مبررا كافيا للفساد، بدليل أن كبار المسؤولين الذين يتقاضون أجورا عالية، هم أحيانا من أكبر ناهبي المال العام.

4-خلق أجهزة لرصد الفساد: إنه لمن المفيد جدا، خلق أجهزة وآليات ترصد ممارسات الفساد وتكشف عن خيوطه وملابساته بشكل دوري ومستمر، على غرار مراصد حقوق الإنسان.

بالإضافة إلى الإجراءات المشار إليها أعلاه، في رأيي ينبغي أيضا محاربة الفساد عبر المنظومة التربوية، وذلك بإشاعة القيم والمثل التي تعلي من شأن الصالح العام، مع تلقين الناشئة وتوعيتها بالضوابط والمبادئ التي قد تحمي مسيرة المجتمع من الفساد.

الرشاوى والمحسوبية وإعطاء الهدايا


سوزان روز أكرمان(*)

الفساد هو إساءة استعمال السلطة العامة، من أجل تحقيق مكاسب شخصية. وتشكل العلاقات بين المؤسسة ورئيسها في القطاع العام فرصة لنمو الفساد. وعلى أي حال فإن هذا التعريف يعني ببساطة وجود تمايز بين دور الشخص ضمن عمله في القطاع العام وبين دوره الشخصي.
ولا يوجد في كثير من المجتمعات فاصل بين مثل هذا التمايز. كما تنتشر عادة إعطاء الهدايا داخل القطاع الخاص وتظهر وكأنها سلوكاً طبيعياً لجلب الوظائف والعقود إلى أصدقاء الشخص وأقاربه إضافة إلى أنها تقابل بتقديرٍ عال من الجميع. ولا يرى أحد أي سبب يمنع من نقل مثل هذه الممارسات إلى القطاع العام. وفي الحقيقة فإن فكرة التمييز بين القطاع بين العام والخاص تبدو غريبة لكثير من الناس.
ومع ذلك، فإن الشعوب في البلدان النامية تعمل على التمييز بين التصرف المناسب وغير المناسب وفقاً للأعراف والتقاليد الخاصة بها. وتشير المسوحات الرسمية والحوارات غير الرسمية إلى أن الإحباط ملازم للفساد وأن التعابير التي تنم عن التحمل والتسامح تعكس أحياناً التراجع والخوف من الانتقام ضد أولئك الذين يتذمرون. الأكثر من ذلك هو، أنه حتى ولو كانت الهدايا والامتيازات تواجه بالقبول، إلا أنها قد تفرض تكاليف خفية لا يتقبلها المواطنون العاديون بصدر رحب. ولا يستطيع الاقتصاديون الإجابة على المسائل الحضارية، ولكنها قد تساعد على فهم المضامين الخاصة بخيارات المجتمع. وتستطيع المجتمعات أن تسأل نفسها فيما إذا كانت قد خلصت إلى عادات ثقافية، تفرض تكاليف على إمكانية نمو الاقتصاد وعلى كفاءة الحكومة في تأدية عملها.
إن هذا الفصل، يفرق بين الرشاوى والأسعار، والهبات والهدايا ولكن الصعوبة في التمييز بين الهدايا والرشاوى تعود في جذورها إلى التشابه الأساسي بينهما. وفي كلتا الحالتين لا يمكن للنظام القانوني أن يفرض مبدأ المنفعة المتبادلة "اخدمني وأخدمك" لذلك يتوجب على متلقي الرشوة أو الهدية أن يستخدم طرقاً أخرى غير رسمية.
والجزء الأخير من هذا الفصل، يحدد المنافع والتكاليف التي يمكن لمثل هذه التحويلات غير الرسمية أن تقدمها للدول النامية أو للدول التي هي في صدد الانتقال من الاشتراكية إلى اقتصاد السوق.
الرشاوى الهدايا، الأسعار، والهبات:
تصنف المدفوعات، سواء كانت بالنقود أو ما شابهها ضمن بعدين:
البعد الأول هو: هل هناك وجود لمنفعة مبادلة، إذا كان الأمر كذلك فإن هذه الصفقة يمكن تسميتها بعملية بيع، حتى ولو مرّ وقت طويل بين فترة الدفع وفترة تحقيق المنفعة. وكل من الاثنتين أي مبيعات السوق والرشاوى تستلزم تعهدات متبادلة.
فالهدايا التي تقدم للمؤسسات الخيرية والأشخاص المحببين لا تستلزم وبشكل بيِّن آية تبادل، على الرغم من أن الكثيرين يعطوها صفة التبادل الإلزامي.
أما البعد الثاني: فهو الموقع المؤسسي للدافعين وللمدفوع لهم. هل هم وكلاء أم مدراء؟ ففاتورة المطعم تدفع للمالك، والبقشيش يدفع للنادل ومخالفة السرعة تدفع للدولة أما الرشوة فقد تدفع لضباط البوليس ويستطيع المستخدمون ووكلاء المبيعات والعملاء، الدفع للوكلاء ويعطي الرؤساء الهدايا لمستخدميهم في عيد الميلاد، أما ممثلو المبيعات فيقدمون الهدايا لزبائنهم المشترين، والزبائن يعطون البقشيش للذين يقدمون لهم الخدمات.
بعض الناس، على أي حال، لديهم واجبات تجاه العامة أو تجاه مجموعات أخرى غير منظمة تفتقر إلى تحديد واضح لمبادئها. فالسياسيون على سبيل المثال، يمكن وصفهم كممثلين لمصالح الشعب أو لمصالح المواطنين الذين ينتخبوهم، ومن جهة أخرى، فهم يملكون قدرة معقولة على التصرف. وتعتبر الرغبة في إعادة الانتخابات، قيداً على السياسي ولكنها لا تمنع أبداً حصول بعض التعاملات الجانبية بغرض تحقيق مكاسب معينة. ولأن مبدأ المنفعة المتبادلة غامض بالعادة، يدعي المتبرعون بأنهم يعطون هدايا في حين لا يوافق البعض الآخر.

دفعات الزبائن أو العملاء
منفعة متبادلة منفعة متبادلة غير واضحة
الدفع للمدير سعر هدية

الدفع للوكيل الرشوة بقشيش

وبالتركيز على هذين البعدين فقط (وجود منفعة متبادلة وحضور أو غياب الوكلاء) نخرج بالتصنيفات الأربعة في جدول رقم(1) وهي الرشاوى والهبات والهدايا وأسعار السوق. وبالرغم من أن المقولات تتضمن تعابير مشحونة أخلاقياً مثل رشاوى وهدايا فإن الجدول يحدد الدفعات فقط ضمن علاقات الوكالة أو ضمن وجود منفعة متبادلة. وحتى لو لم يكن هناك صفقة تجارية إلا أن الأمر يبقى مفتوحاً أمام علاقات متبادلة.
إن ما يفرق الهدايا عن الأسعار هو النقص في وضوح مسألة المنفعة المتبادلة، ولكن يمكن أن يكون هناك ارتباطات أكثر دقة بين الهدايا وبين المنتفعين. يمكن لجامعة ما أن تنشئ كلية مهنية على أمل جذب المنح والهبات، ويمكن للطفل أن يجّد في دراسته على أمل حصوله على مكافأة من أمه وأبيه.
ومع ذلك فالكثير من الهدايا تعتبر تقديمات تقوم على المحبة والإيثار ودون توقع الحصول على مردود مادي بالمقابل. فالهدايا قد تشكل مكاسب نفسية تصنف في باب اللفتة الدافئة أو المؤازرة أو الاكتفاء بالعيش ضمن التزام أخلاقي (أندريوتي 1988، روز أكرمان 1996، سن 1977) ولكن دون أي طمع بمكاسب مادية. بعض الهدايا التي تنطوي على تضحية شخصية تؤذي المانح. مثل أن يفرض شخص التضحيات على أفراد أسرته أو أن يمنح حياته أو حياتها لشخص آخر أو لقضية ما.
إذا كانت الهدايا الفردية كبيرة بما فيه الكافية لترك هامش من التأثير على تصرف متلقيها، فإنها تمثل بوضوح مبدأ التبادل المنفعي أو طلب شيء بشيء ضمنياً.
وهذه بالعادة، حقيقة كثير من الهدايا التي تقدم إلى إعفاء الأسرة كما هي لبعض المنح الكبيرة، والهبات الاجتماعية لجمعيات البر والإحسان (الخيرية). في تلك الحالة، فإن هناك فارق وظيفي صغير بين هدايا تعطى من أجل أهداف بعيدة معلنة وتلك التي تعطى ضمن شرط تأسيس هذه الأهداف.
إذا كانت الهدايا المشروطة تخلق التزامات مؤكدة، فإنها تشبه المبيعات باستثناء أن المنفعة المقدمة بالمقابل يجب أن تكون متوافقة بعض الشيء مع غرض الإحسان (جوردلي 1995). مثل هذه الهدايا تدخل في عداد صندوق الأسعار.
ضمن تعابير التحليل الاقتصادي المعياري، تقترب الهدايا أكثر وأكثر لتصبح أسعاراً، كلما انتقلت في مستواها من هدايا جمعيات خيرية وقضايا إنسانية إلى هدايا لأشخاص محتاجين وغير معروفين وثم إلى هدايا لأصدقاء وأقارب وهدايا إلى أناس ومؤسسات يمكن الاستفادة منها. ولكن الاقتصاديات البسيطة فقط هي جزء من القصة. فالعلاقات الشخصية بين المعطي والآخذ أو بين المشتري والبائع تشكل أبعاداً مهمة لكثير من التعاملات ذات القيمة الجوهرية البعيدة كل البعد عن دورها في تنظيم الصفقة.
والآن، أنظر إلى العلاقات بين الوكالتين المذكورتين في الجدول، فالوكلاء بالعادة يقبضون من رؤسائهم وليس من الدخلاء كالزبائن ووكلاء المبيعات، في حين أن المدراء يحتاجون إلى تطوير نظام مكافأة ومراقبة يعطي للوكلاء حافزاً لإنجاز جيد. معظم الأبحاث التي تجري حول العلاقة بين الفوائد الناتجة عن مختلف خطط منح المكافآت تُظهر أن الكسل والتهرب من أداء الواجب هما المشكلة، وليست المشكلة في الرشاوى التي تدفع من فريق ثالث. هناك علاقة ذات جانبين بين المدير والوكيل البائع تعمل ضمن خلفية معطيات.
وقد أدخل بعض العلماء في نماذجهم فريقاً ثالثاً واستخدموا هذه النماذج لتحليل مشكلة الفساد (روز أكرمان 1978، تيرول 1986 ـ 1992) في حين فضل بعض الاقتصاديين اعتبار حقيقة أن الرشاوى هي دفعات من أجل خدمات (بايلي 1966، ليف 1964) فهي شبيه بالأسعار. ولكني كما أوضحت في الفصول السابقة فإن هذا التشابه يعتبر جزئياً ومحدوداً، فالرشاوى يمكنها أن تترك تأثيرات مشوهة على نشاط الحكومة والقطاع الخاص.
إن انتشار دفع الرشوات في مجتمع ما يشير إلى أن ذلك المجتمع قد بنى علاقاته العملية بشكل غير فعال. فإذا كان الزبائن في العادة يرشون العملاء، فلربما يكون من الأفضل لهؤلاء الزبائن استئجار العملاء للتعامل مع مديريهم السابقين. فعلى سبيل المثال، أفرض أن شركة سيارات تقدم خدمة تصليح مجانية لأولئك الذين يشترون سياراتها. عملياً سنجد أن الزبائن التّواقين إلى خدمة جيدة يرشون رجال الصيانة العاملين في ورش التصليح ليقوموا بعمل عالي الجودة وسريع.
والحقيقة التي تقول بأن أفضل مراقبة لرجل الصيانة في شؤون التصليح هي في شركة السيارات نفسها تعني أن اتفاقية الخدمة قد تكون أكثر فعالية حين توقع بموجب عقد بين الزبون ورجل الصيانة منها بين رجل الصيانة وشركة السيارات.
وعلى الرغم من وجود مثل هذا الحافز لإعطاء الرشوة التجارية، فإن شركة السيارات يمكنها الاستمرار في تقديم الصيانة كجزء من الكفالة المتقدمة للمشترين خارج الدفع في حين تقوم الضمانات بتحسين مركز الشركة التنافسي عن طريق تقليص عنصر المجازفة عند الزبائن. ولكنهم مثل جميع سياسات التأمين، يبتدعون تكاليف للمراقبة خارجة عن الموضوع (كرامتون وديز 1993: 366ـ 367) وتوجد نتائج متشابهة في الكثير من صناعات الخدمة المدنية حيث يشتري الزبائن خبرة الآخرين في الخدمة وبإمكانهم الحكم على المردود، على شكل صحة جيدة أو على شكل تعويض عن ضرر كبير من خلال دعوى قضائية. ولكنهم لا يستطيعون ملاحظة نوعية المردود بشكل مباشر.
ما هو الأفضل فعالية؟ أهو إحداث الأثر المطلوب من خلال دفع أجرة المستخدم مباشرة أو دفع مبلغ إجمالي إلى مؤسسة كبيرة (ولنقل شركة تأمين) ثم تقوم هذه المؤسسة بأعمال المراقبة والتعويض على الحرفيين؟ هل يجب أن يسمح ببيع الدعاوى القضائية للمحامين بدون تحفظ من أجل تجنب مشكلة الوكالة والمدير برمتها. وهل يجب على الدولة أن تدعم الخدمات القانونية عبر هيئات المحاكم؟ ولكي ندرك صعوبات الاحتمال الأخير، لنفرض بأن الدولة تقدم خدمات المحاماة مجاناً إلى أي شخص يقوم برفع دعوة قضائية ويدفع أجرة محددة للمحامين. ولنفرض أيضاً أن كثيراً من العملاء يدفعون سراً إلى محاميهم لحثهم على العمل بنشاط أكثر، وحين يصبح هذا النوع من الرشاوى التجارية أمراً عادياً فإن هذا يعني أن بيع الخدمات القانونية يجب أن يدخل في مجال الخصخصة مع إبقاء برنامج العون المالي لصالح الفقراء. وعلى النقيض من ذلك فإن أي دليل يثبت وجود أطراف تدفع الرشاوى إلى القضاة في دعوى للحصول على أحكام لصالحهم لا يعطي هذه الدفعات أية صفة شرعية. فالقاضي لا يعمل وكيلاً لأي طرف ولكنه ملزمٌُ تحت القسم على المحافظة على المبادئ العامة للقانون. وهذا يشكل على المدى الطويل رغبة جميع الذين يرتادون المحاكم.
أما في القطاع الخاص فإن ترتيب منح الامتيازات يقدم حلاً وسطاً للمشكلة بهدف تنشيط الوكلاء. والبائعون النهائيون هم الأعمال والمهن المستقلة التي يتقيد تصرفها بعقد الامتياز.
وإذا كان المدير، وهو في هذه الحالة صاحب الامتياز ينتفع من عمل البائعين وهم في هذه الحالة أيضاً، المستفيدون من الامتياز فإن هذه العلاقة تأخذ منح الاهتمام الشخصي في ترويج الإنتاج.
مثل هذه الترتيبات، يمكن أن تصبح ذات معنى. المستفيدون من الامتياز يجنون المنافع من أجل تقديم خدمة جيدة بدلاً من أخذ الرشاوى من أجل تقديم الشيء نفسه، ولكن هذا الخيار ليس متاحاً دائماً للحكومة. لنأخذ مثلاً مصلحة خدمات الحدائق الوطنية، فهي تستطيع أن توقع عقود امتياز مع تلك الشركات التي تقدم الطعام والسكن في حين لا تستطيع السلطة العامة التي تزود الوحدات السكنية عمل الشيء نفسه ما لم توقع اتفاقية معقدة للتأكد من أن الهدف من التزويد يصب في مصلحة المحتاجين.
والنقص في المرونة التنظيمية للدولة يحد من مقدرتها على إعادة تنظيم علاقة الوكالة. فالحكومة تستعمل الوكلاء (الوسطاء) في حين تقوم الشركات الخاصة ببيع خدماتها بشكل مباشر وبسهولة أكثر. وعلى النقيض من ذلك فإن القطاع العام يستعمل العقود في المواضع التي تندمج فيها الشركات الخاصة راسياً بسبب صعوبات في المراقبة.
وفي بعض الأحيان تستطيع الخصخصة وإعادة التنظيم تذليل هذه المصاعب، ولكن تبقى هناك بعض القيود المتأصلة في طبعة الخدمات الحكومية. فالوظائف الحكومية القانونية لا يمكن أن تكون منظمة بطبيعتها مثل الأسواق الخاصة. وهذه الحقيقة تدل ضمنياً بأنه لا يمكن أن يتم التخلص من كل حوافز الفساد في البرامج الحكومية ومع وجود البقاشيش، يبدو مبدأ المنفعة المتبادلة أكثر غموضا. فالخدمة تقدم بالعادة قبل دفع البقشيش وهي اختيار قانوني ممنوح بشكل غير رسمي. والمبلغ المنشود يكون بالعادة كيفياً ومتقلباً وغير محدد (زلزر 1994: 91) وفي الأحوال التي يجد فيها أصحاب الأعمال صعوبةً في تقييم النوعية، فإن المنح تسمح للعملاء بإصدار حكم نوعية الخدمة. وإذا كان العملاء أفضل من المدراء في المراقبة فإن المنح أو البقاشيش قد تصبح ذات معنى، وعلى النقيض من ذلك فإن الإدارة نفسها تستطيع أن تعطي المكافآت إذا ما تمكنت من تحقيق خدمة جيدة من المبيعات العالية للأفراد. فعلى سبيل المثال يمكن للمطاعم أن تكافئ النادلين العاملين لديها على قاعدة عدد الوجبات التي يقدمونها تماماً مثل البقاشيش. ولكن مثل هذه الخطة يمكن أن تكون أقل فعالية من البقاشيش. إلا أن منح المكافآت على قاعدة المقدار أو عدد الوجبات قد يؤدي إلى نتائج سيئة على الزبائن حين يحاول النادلون أن يدفعوهم لإنهاء وجباتهم بأسرع وقت لكي يفسحوا المجال لجلوس غيرهم. وبالتالي تحقيق أعلى قدر ممكن من الوجبات. كذلك فإن ربط المكافآت بمزيج من المقدار والنوعية يعتبر أكثر فعالية ويسمح للعملاء (الزبائن) بأن يدفعوا إلى الوكلاء مباشرة من أجل الحصول على خدمة جيدة ولكن البقاشيش تصبح غير مرغوبة لدى أصحاب العمل إذا ما استغلها الوكلاء للتمييز بين الزبائن بطريقة تؤدي إلى تقلص الدخل الذي يصل إلى الإدارة. تصور على سبيل المثال، الحالة التي يصبح فيها القائمون على الخدمة أكثر تفضيلاً للزبائن الفاسدين ويقومون بمنحهم خصومات على الوجبات المقدمة لهم أو يقدمون لهم أطباقاً طعماً بالمكافآت والبقاشيش.
التشابه بين الرشاوى والهدايا:
الهدايا والرشاوى تتشابهان في أمر هام، ففي كلتا الحالتين لا يمكن أن يتقدم فرد خائب الأمل إلى المحكمة أو يطالب بدفعة أو يصر على تنفيذ العقد الضمني فيها. والطرق المتعادلة لتأكيد الإذعان يجب أن تصمم من أجل استمالة الآخرين للعمل إذا وجدت الرغبة بذلك. وفي بعض الحالات فإن هذه التقنيات الخارجة عن القانون قد تكون أكثر فعالية وربما أرخص من تلك المتاحة لتجار السوق. وهناك عدة آليات غير رسمية ومتبعة تعتبر مألوفة وأكثر صلة بالموضوع مثل الثقة والسمعة والرهن والالتزامات المتبادلة (كرامتون ودييس 1993، وليامسون 1975، 1979) ومثل هذه التقنيات مرهوبة بصورة كبيرة في سياقات العقود العادية ولكنها يمكن أن تسهل التعاملات الفاسدة مثلما تسهل التحويلات المضادة. كما يمكن أن يكون هناك تضارب بين تلك السمات التي تبدو فاضلة من ذاتها وفي ذاتها، مثل الجدارة بالثقة والعواقب غير المرغوبة التي قد تحدث. ولعل أي فحص للرشوة والهدية سيساعد الفرد على أن يراعى بطريقة أخرى تلك النماذج المرغوبة التي تستطيع في بعض الحالات أن تحطم فعالية الاقتصاد وتقدمه.
الائتمان (الثقة):
في مناقشة موضوع المافيا الصقلية، يؤكد دييغو غامبيتا (1993) على انتشار عدم الثقة في الدولة الإيطالية. فقد ازدادت صفقات الملكيات الخاصة التجارية في وقت لم تكن فيه الدولة قادرة على تناول مثل هذه التعاملات، كما فشلت الدولة في توفير طريقة يعول عليها لحل الخلافات وإدارة تحويلات الملكية الخاصة فظهرت المافيا كبديل.
ويرى مراقبون آخرون أن ظهور المافيا للوجود في روسيا مدين للضعف المشابه للدولة (فاريز 1994). سيستعمل غامبيتا كلمة ثقة ضمن معنيين من الأفضل التفريق بينهما.
الأول: يشير إلى أن النقص في كفاءة وشرعية الدولة يجعل الناس لايثقون فيها لحل الخلافات بجدارة وعلى نحو لائق، ويشرعون بالبحث عن بدائل. وهذا المعنى للثقة لا يمت بصلة بالارتباطات الشخصية الوثيقة. فالعلاقة يمكن أن تكون بعيدة بعد ذراع اليد، وفي الحقيقة تزداد ثقة الشخص بالدولة عندما يكون مسؤولوها نزيهين وموضوعيين.
ثانياً: يمكن أن يثق الناس في بعضهم البعض بسبب الروابط الشخصية الحميمة أو بسبب علاقة القرابة والنسب وروابط العمل والصداقة. فالشخص يمكنه أن يثق بصديقه القوي لكي يساعده ليس لأن الصديق سيطبق القانون على نحوٍ لائق ولكن بسبب محاباته له.
ويؤكد غامبيتا أن إخفاق الثقة من كلا المعنيين يبرر اللجوء إلى خدمات الحماية الخاصة مثل المافيا.
في المقابل، أنا أجزم بأن النموذج الثاني للثقة والذي يرتكز على الارتباطات الشخصية، يسهل التحويلات الفاسدة والممنوحة معاً. وهذا التحليل يكمل بحث غامبيتا حول التنظيم الداخلي لعائلات المافيا التي تطلب شرعية ثابتة من أعضائها. واهتمامي ليس في الجريمة المنظمة بحد ذاتها ولكن في الطريقة التي تقوم بها الثقة والعلاقات الشخصية في إجراء معاملات فاسدة.
على سبيل المثال، توضح دارسة أجريت حول استصلاح الأرض في بلدتين برازيليتين، كيف تستطيع طريقة الثقة أن تحافظ على نظام فاسد. في إحدى البلدتين، أصبحت إدارة برامج الفساد راسخة بسبب العلاقات الشخصية بين وكلاء من عدة مؤسسات مختلفة، يعيشون جميعهم على مقربة من بعضهم البعض ويبنون علاقات صداقة خارج محيط العمل. أما في البلدة الثانية فكان البرنامج يدار بأمانة لأن الموظفين لم يرتبطوا بعلاقات شخصية ببعضهم البعض، إلى حد أن الموظفين من وكالة واحدة كانوا يرغبون بالاستجابة لشكاوى المواطن حول أولئك الذين يعملون في وكالات أخرى. وفي بعض الحالات، قاموا بمساعدة السكان المحليين على تنظيم احتجاجات أساسية (بنكر وكوهين 1983).
إن تقديم الهدايا وإعطاء الرشاوى يزداد شيوعاً حين تكون آليات حل النزاع القانوني مكلفة جداً أو تستغرق الكثير من الوقت. واذا لم تتوفر الضمانات القانونية فالثقة تصبح تلقائياً أكثر أهمية. ولكن عدم وجود الدعم القانوني، يعني احتمال عدم إنجاز بعض التعاملات.
فالصفقات التجارية التي تتطلب دفع الرشوة قبل إنجاز المرتشي للعمل، قد تكون شديدة الخطورة. والموظف الفاسد الذي يفشل في التسليم يستطيع أن يدعي بأن الدفعة التي استعملها كانت مجرد هدية من صديق أو معجب. وبشكل مشابه فإن الموظف الذي يستلم هدية ضمن مفهوم ضمني يستطيع أن يصورِّها كرشوة إذا ما ساءت العلاقة مع الطرف المهدي. والحقيقة أن طرفي الصفقة على حدٍ سواء لديهما الاهتمام بأن يبقى مضمون الدفعة ضبابياً (غير واضح) أمام عيون الآخرين. بينما يبقيان مضمونهما واضحاً تماماً فيما بينهما. والرشاوى يمكن تغليفها بقناع الهدايا لكي تلغي آية مسؤولية قانونية ولكن الازدواجية تجعل معرفة مدى إطاعة الموظف أمراً صعباً.
والهدايا المستخدمة ضمن مبدأ المنفعة المتبادلة الغير إجباري تظهر أكثر إذا وجدت علاقة ثقة بين الأطراف مبنية ضمن روابط عائلية أو صداقة. وهكذا تعطى الهدايا عادة لأفراد الأسرة ليس فقط لأن المعطي يشعر بعاطفة خاصة نحوهم ولكن أيضاً بسبب أن المستلم يرتبط بروابط عاطفية مع المانح، قد تكون أكثر ملائمة لكي ينجز هو أو هي جانباً من الصفقة المفهومية ضمناً. وعلى نفس الوتيرة، فإن الثقة تكتسب أهمية أيضاً في الصفقات التي يدخل فيها الفساد. ووفقاً لغامبيتا فإن نقص الثقة في الحكومة يؤدي إلى طلب خدمات الحماية الخاصة.
وعلى العكس من ذلك، فإن وجود إمكانية لبناء ثقة مرتكزة على علاقات شخصية مغلقة يساعد على التقليل من مخاطر الافتضاح ويقدم ضماناً للإنجاز عندما يكون الدفع ومبدأ المنفعة المتبادلة متباعدين زمنياً. فالموظف الحكومي يمكن أن يحابي أقربائه في توزيع الامتيازات والمنافع الشعبية الأخرى، طمعاً في حصة من المنافع وهو يفعل هذا، ليس فقط من باب الاهتمام بهم ولكن بسبب أنهم يهتمون به أيضاً ويكونون أقل احتمالاً لكشف أو إظهار التعامل الفاسد أو لنكث الاتفاق من الغرباء كما أن اعتماد المنافع على بعضها البعض، يقلل من المخاطر على كلا الطرفين (شميد وروبيسون 1995).
ويبقى الخطر طبعاً في أن يشكل أعضاء الأسرة المستائين خطراً بصورة خاصة، فالاعتماد الداخلي للمنفعة يمكن أن يعني أن قريباً مستاء قد يجد لذة خاصة في كشف قريبه الفاسد. وقد يصل الأمر بالحاكم الفاسد أن يتمنى لو أنه تعامل مع رجل أعمال انتهازي بارد لا يحتمل أن يقوم بتخريب عمل مشبوه. على أي حال ففي أي محيط فاسد حيث لا يستطيع القانون أن يفرض إنجاز العقود، لا يبقى هناك خيار سوى التعامل مع الأصدقاء وأعضاء الأسرة ويبقى الخطر في الثقة التي قد تنقلب إلى غضب، وجزءاً من التعاملات الخارجة عن القانون وغير المحددة النتيجة:
السمعة:
كما هو الحال في الأسواق القانونية، فالسمعة التي تطورت عبر الأداء المتكرر، تصبح بديلاً عن القانون وعن علاقات الثقة الشخصية معاً. فتوزيع المكافآت بسخاء على أي شخص يقوم بمساعدتك قد تجعل لك سمعة تغري الآخرين بمحاباتك ومساعدتك (بارني وهالسن 1994: 1978 ـ 1979) والسمعة التي تنشئ عن خداع المختلسين قد تساعد بالتأكيد على تنفيذ معاملات فاسدة كما أنها تحبط الناس عن التعاقد معك في المكانة الأولى.
والسمعة تؤثر على طرفي معاملات الهدية والرشوة على حدٍ سواء. وسمعة الشخص الذي يستجيب ثانياً هي مهمة للشخص الذي يقوم بالحركة الأولى. وعلى سبيل المثال يكون المانحون أكثر قابلية لتقديم الهبة إلى جامعة تعطي شهادات فخرية لخريجيها الأسخياء. والطفل يكون أكثر قابلية للتصرف بإذعان إذا كان والديه يمتلكان سمعة مكافأة أطفالهم الذين يتصرفون بشكل جيد (بتهذيب).
والرشوة قد تكون أكثر سهولة في التثبيت إذا استطاع الراشون ملاحظة ما يدل على ماضي الموظفين الفاسدين في تأديتهم للعمل، وفيما إذا كان هؤلاء الموظفون ثابتين على التعامل الفاسد منذ أمد طويل. كذلك قد تكون الأوامر التي تجد في الابتزاز للدفع، أكثر جاهزية للقبول إذا كان المبتز يملك سمعة في تنفيذ أفعال الانتقام. وعلى سبيل المثال، يستطيع البوليس الفاسد أن يرفع الرشوة إلى الحد الأقصى عن طريق التهديد الجدي بضرب من لا يدفع أو باعتقال الناس الشرفاء بتهم تتعلق بالقيام بدفعات غير قانونية.
إن عدم قانونية الرشاوى وقانونية الهدايا تترك صعوبة في بناء السمعة، أكثر في الأولى منها في الثانية. ويمكن لتقديم الهدايا أن يصبح عرفاً حكومياً ما لم يتضمن إشارات لحدوث تبادل منفعي غير قانوني. فالمانحون يمكن أن يعلنوا عن هداياهم على أمل اكتساب سمعة بالسخاء كما أن منظمات البر والإحسان قد تقوم بنشر قوائم بأسماء المنانحين كطريقة لحث آخرين على العطاء أيضاً. فقدرة المؤسسات على جذب الهدايا من عدة أشخاص معروفين تساعد على تقوية سمعة هذه المؤسسات.
وباختصار فإن كل من المانحين والمؤسسات الخيرية يحرص على الإعلان عن الهدايا بسبب علاقتها بالسمعة والاثنان يدعمان بعضهما البعض بهذه الطريقة. فالمؤسسة الخيرية التي تحظى باحترام كبير تجذب هدايا أكثر لأنها تعطي المانحين هالةً من الفضيلة تشكل سمعة طيبة لهم، في حين تصبح هذه الحالة بالنسبة للمانحين السابقين أداة للتمويل من أجل جذب المزيد من الهدايا.
والهدايا والأعطيات التي تقدم إلى مقدمي الخدمات يمكن أن تأخذ أبعاداً متحركة مختلفة. أفرض أن جميع الأسعار الرسمية متماثلة ولكن هناك وكلاء يمكنهم تقديم خدمات ومنافع خاصة لبعض الزبائن وهم إن فعلوا ذلك فإن آخرين قد يعانوا من نقص في الخدمة. آنئذٍ فإن الهدايا التي تأتي من بعض الزبائن يمكن أن تغري آخرين بأن يعطوا أيضاً ويبدو أن هذا هو القصد من قيام بعض مراقبي أمكنة وقوف السيارات بإعداد قائمة علنية بالهدايا التي يتلقونها من الزبائن الذين يستخدمون المرآب شهرياً. (تيرني 1995) وهذه الطريقة الملتوية في إعطاء الهدايا تصبح قوية بصورة خاصة في حالة وجود نقص في أماكن وقوف السيارات. والذين يستخدمون مواقف السيارات ينهمكون في ماهية لعبة يسميها المنظرون "حب الإنهاك: وهم مقتنعون بالدفع ليس من أجل تجنب سمعة البخل ولكن لتثبيت خدمة جيدة أيضاً.
أما المالكون للمساحة المخصصة لوقوف السيارات فقد يحاولون اقتطاع بعض هذه المكاسب عن طريق وضع أسعار مختلفة لأماكن خاصة مختلفة نوعياً. والتمييز المحتوم الذي يمارسه المراقب على أي حال، يعني أن المالكين سوف لا يكون بإمكانهم اقتطاع كل المكاسب.
بعض الأسواق الفاسدة تعمل بنفس الطريقة إلا أنها اقل فاعلية، لأن الرشاوى عادة لا يمكن أن تكون معلنة وهذه هي إحدى الأفضليات للهدايا على الرشاوى، وكثيراً ما تحوم حملات التبرعات حول حافة الخط الدقيق الفاصل بين الهدايا والرشاوى، وقد تميل إلى جانب أحدهم عن الآخر وفقاً لأهواء قوانين الحملة لمالية. وقد يكون المتبرعون المحتملون أكثر ميلاً للعطاء إذا عرفوا عن هبات الآخرين. فاحتمال زيادة الهبات بشكل متصاعد توحي لرجل السياسة بأن بإمكانه نشر قائمة بالمانحين حتى ولو كان القانون لا يتطلب ذلك.
وفعالية مثل هذه القائمة على أي حال تعتمد على دوافع المانحين، فإذا كانوا مهتمين فقط بانتخاب شخصاً معيناً، فإن الإعلان عن سماحة نفس الآخرين يمكن على المدى البعيد أن يثبط الهدايا إذا كان المانحون يبحثون عن أفضلية على منافسيهم. لأن الأخبار المعلنة عن هدايا منافسيهم قد تستحثهم على أن يعطوا أكثر. وتتحكم صرامة القوانين في التبرعات الخاصة وفي فضح الراشدين والمرتشين وتخلق صعوبة أكثر في بناء السمعة فالراشون والمرتشون يستطيعون تطوير سمعتهم من خلال تمرير مسموعات شفهية عن قبضتهم القوية ولكنهم يريدون أن يظهروا بمظهر الذين يقومون بتنفيذ الصفقات دون أن يبلغوا عن العروض الفاسدة. ولأن مثل هذه الأمور تكون بالعادة خارج الإعلان القانوني والصفقات الرسمية، يحتاج الموظفون الفاسدون إلى وسائل أخرى للاتصال. والصعوبة في بناء السمعة يمكن أن تقود المحتالين إلى التعامل مع شركاء معروفين فقط، وتقليص عدد الأشخاص الذين يمكنهم دفع الرشاوى مما يقلل أيضاً من خطر الكشف من قبل قادمين جدد، لأن بناء علاقة فاسدة بين الغرباء قد تنطوي على بعض المخاطرة، فالشخص الأول الذي يبدي صراحة في الموافقة على دفع الرشوة يصبح تحت رحمة الآخرين الذين يمكن أن يهددوه بكتابة تقرير عن الفعل غير القانوني، لذلك فإن إدخال طرف ثالث يصبح مهماً، ففي بعض الحالات، تكون لغة الصفقات مبطنة وغامضة إلا على المطلعين (غامبيتا 1993) ويصبح ترسيخ الأنظمة الفاسدة أكثر سهولة، إذا تم المحافظة عليها ضمن حدود أسواق صغيرة محلية من أن تنتقل إلى أصعدة وطنية ودولية. فالمحافظة على سرية الموضوع تتطلب وجود أقل عدد ممكن من المتعاملين لتسهيل الاتصال. لذلك يتفشى الفساد أكثر في الصناعات التي يرتكز منتوجها على قاعدة محلية. ويتعاملون مع الحكومة ضمن قواعد دائمة الاستمرار، لأنهم لا يملكون خياراً للمكان الذي سيعملون فيه.
وفي الكثير من المدن يضطر متعهدو الإنشاء وأصحاب عربات نقل القمامة والبائعون في أسواق المدينة أن يدفعوا للموظفين الحكوميين كي يحصلوا على عقود ورخص العمل.
وفي بعض مناطق العالم، يتحالف رجال السياسة المحليون مع عصابات إجرام تفرض بالقوة دفع الأتاوات مع التهديد بالعنف (غامبيتا 1993).
ومثل هذه الأعمال لا يمكنها الخروج من السوق بسهولة لتنتقل إلى أماكن أقل فساداً في مجتمعات أخرى.
والعلاقات الفاسدة يمكن أن تكون أكثر سهولة، إذا كانت نفس المجموعة الصغيرة تتعامل مع بعضها البعض في بيئات مختلفة، إذ يصبح بناء سمعة بالأمانة والموثوقية أو العنف أقل كلفة، مما يقيد نسبياً إعطاء الهدايا والرشاوى وتصبح الثقة غير ضرورية لأن هناك دائماً شخص يقوم بالتدقيق على شخص آخر.
ومع أن مثل هذه الشبكات تكون مألوفة داخل الحكومات المحلية في كل مكان، إلا أن النخب الصغيرة يمكنها السيطرة على مدى أوسع في السياسة فالسمعة يمكن أن تبنى بقوة ضمن تلك المجموعات سواء للأحسن أو للأسوأ.
أما تكاليف بناء السمعة فتكون اقل بساطة حين تصبح الرشوة مقبولة على نطاق واسع وفي ظل غياب القوانين الملزمة والموثوقة. كما يمكن للرشاوى أن تصبح نسبياً أكثر فعالية في تحويل الأجور من القطاع الخاص والمؤسسات إلى الموظفين الحكوميين وحينئذٍ يشكل الفساد أحد الأعراض التي تغلف أسس شخصية الدولة في جميع الأجور.
وفي العالم الفاضل، يبحث القطاع الخاص عن أجور متاحة حكومياً من خلال المغالاة في الإنفاق على برامج وقوانين تخلق احتكاراً في الأجور أما في العالم الفاسد كلياً فقد لا يرغب هؤلاء بإزعاج أنفسهم في البحث عن منافع قانونية لأن مكاسب الاحتكار يمكن أن تكون قد انتزعت من قبل الموظفين الحكوميين في مرحلة الإنجاز. وهناك علاقة أساسية بين الحافز لدفع الأجور وبين توزيع تلك الأجور. ففي البلاد التي يقل فيها الفساد يسعى القطاع الخاص لاستخدام الدولة من أجل الحصول على منافع لنفسه. في حين يقوم الموظفون من الأفراد ومن المؤسسات الخاصة والقطاع الخاص. بفعل هذا عن طريق خلق احتكارات أو فرض قيود. وفي خيار آخر يمكنهم التواطؤ مع الفعاليات الخاصة لانتزاع المكاسب من المصادر الأجنبية والمحلية على أن يتم تقسيم هذه المكاسب فيما بعد بين الموظفين الحكوميين الفاسدين وبين عملاء لهم في القطاع الخاص.
السمعة المتعلقة بأخذ الرهونات:
يعتبر الرهن وسيلة تضمن تنفيذ عمل ما، وعلى وجه العموم فإن الواقع أقل إثارة من قصة الأميرة المحتجزة في البرج، ولكن المبدأ هو نفسه. عند وجود تضارب زمني في صفقة ما فإن الذي يحرك أولاً يطلب من اللاعب الثاني أن يرهن شيئاً ذا قيمة. ويعمل الرهن عمل التعهد حيثما يستطيع الطرفان اللجوء إلى تحكيم عادل لتعزيز الحالات غير المحددة (كرامتون ودييس 1993) من العسير إقامة مثل هذه التحكيمات في حالات المعاملات الفاسدة ولكن دافعي الرشوة يختلقون الإمكانيات لنوع خاص من الرهن. وتكون الرهينة هنا هي سمعة الشخص الآخر. فالذي يبدأ العمل أولاً يمكنه الاحتفاظ بتسجيلات سرية لأعمال الشخص الآخر. وعلى سبيل المثال إذا كانت عقوبة الموظفين أشد قسوة من عقوبة رجال الأعمال، فإن المقاولين يستطيعون دفع رشاوى من أجل القيام بأعمال مستقبلية ويهددون بفضح هذه الدفعات ما لم يقم الموظف بالتنفيذ.
وحين تدفع الرشاوى للحصول على مكاسب قانونية روتينية تصبح إمكانية رهن سمعة الموظف أكثر صعوبة منها في حالة المكاسب غير القانونية. وعلى وجه العموم، كلما ازداد التماثل بين الخسائر التي يتحملها الراشي أو المرتشي من الفضيحة كما قلت مصداقية التهديد بتدمير سمعة الشخص الآخر. ولكن حين تكون سمعة الراشي مدمرة أصلاً تزداد إمكانية قيامه بالكشف عن دفعاته الفاسدة. فعلى سبيل المثال: سلّم عضو في كارتل المخدرات بكولومبيا، نفسه إلى البوليس لينقذ حياته، وساعد الولايات المتحدة على حل شيفرة الدفعات التي قدمت إلى الموظفين الكولومبيين.
وقد تظهر مسألة أخذ السمعة كرهينة في أعمال الإحسان إذ يمكن لمانح المال لجامعة ما أن يحجز سمعتها كرهينة أمام تهديدات بالدعاية السلبية ضدها إذا ما انتهكت شروط استخدام أموال المنحة. ولكن الجامعة بدورها قد تتردد في إطلاق التهديدات السلبية ضد مانح كسول خوفاً من تثبيط عزائم الآخرين، إلا أنها تستطيع مع ذلك اتخاذ خطوات تقضي بتقليص تأخير تسمية بناية ما باسم المانح مثلاً، إلى أن يتم تحويل جميع أموال الهدية قانونياً.
التعهدات المتبادلة:
بعض رجال الأعمال بطورون تعهدات متبادلة طويلة الأمد، فكل شخص يملك حافزاً ليعمل بمسؤولية عندما يكون وكيلاً لكي يستطيع توكيل مديره الحالي في المستقبل.
فعلى سبيل المثال قام كارن كلاي (1997) بدارسة وضع التجار في كاليفورينا بين الأعوام 1830 و 1840 عندما كانت لا تزال تحت الإدارة الإسمية للمكسيك. كان ينقص الوضع آنذاك وجود أنظمة عملية لتنفيذ العقود كما كان هناك تجار قليلون وكان على الفرد العامل في أية مدينة أن يمد يده لطلب المساعدة من الأفراد في المدن الأخرى.
فبدلاً من إرسال وكلاء إلى الخارج، كان الجميع يستخدمون التجار في المدن الأخرى لإنجاز مهامهم ولم يكن هناك حاجةً إلى معاملات ثنائية مباشرة، فالتاجر (أ) يمكنه أن يعمل كوكيل للتاجر (ب) وكذلك التاجر (ب) بالنسبة للتاجر (ج) الذي يعمل كوكيل أيضاً للتاجر (أ). وكانت هذه الترتيبات تستند إلى اتصال نشط في تبادل المعلومات حول سمعة التجار إضافة إلى أخبار وصول ومغادرة السفن وأنواع البضاعة والأسعار.
كيف يمكن لمثل هذه الأنظمة أن تعمل في عالم فاسد؟ لكي تعمل، كان يجب أن لا تذهب الهدايا كلها في اتجاه واحد فالسياسي(أ) يصوت لصالح المشروع الذي يملأ جيب السياسي (ب) ويعتمد (أ) على (ب) لكي يدعمه في مشروع مشابه في وقت لاحق. وزير التخطيط يحابي شركة مملوكة لوزير الأشغال العامة في حين يقوم هذا الأخير في وقت لاحق بمنح عقد لإنشاء طرق جديدة إلى مؤسسة يساهم فيها وزير التخطيط. وفي إيطاليا تستثمر المؤسسات الذي تتعاطى بالرشوة، على وجه الخصوص، في خلق قنوات اتصال خفية تتعامل مع صانعي القرار وذوي النفوذ الأكثر تأثيراً على الناس.
فهذه الروابط الشخصية إضافة إلى الثقة تعتبر رأس مالاً معلوماتياً يشكل وبشكل جزئي ميراثاُ يساهم فيه الفاسدون ومفسدوهم ويحدد تكاليف التعاملات الملتوية في العقود الجديدة (ديلابورتاو فنوتشي 1997: 530) وكما في الحالات التي وضعها كلاي، فإن التعهدات لا تحتاج بأن تكون ثنائية أو قانونية لكي تصبح قابلة للتنفيذ. إذ يمكن لمجموعة وثيقة الصلة بالموضوع أن تحدد المختلسين بسهولة وتستثنيهم من الامتيازات في المستقبل.
وفي هذه الحالات يعتبر التمييز بين الهدايا والرشاوى صعب وعادةً ما تدفع الأموال المتعلقة بمبدأ التبادل النفعي بنفس العملة المتداولة في المنفعة الأولية، وهذه العملة هي فواتير التصويت في الانتخابات والمحاباة في العقود. وإذا نظرنا إلى هذا التصرف بمعزل عن ما حوله فقد يبدوا وكأنه نوع من المحاباة وليس نوع من الفساد ويتم تسلم الهدية بطريقة يصفها البعض بأنها غير ملائمة وليس من السهل تحديد ما هو المكسب الذي يجنيه مقدم الخدمة. والسمعة التي يطلقها عليك الناس الذين قاموا بمساعدتك لعملك الجيد هي التي تحفظ استمرارية مثل هذا النظام.
ونظام (كاليفورنيا) الذي وصفه (كلاي) انهار خلال فترة ظهور الذهب وذلك عندما ازداد عدد التجار بشكل كبير، وقد يكون هذا الأمر علاجاً لأي نموذج لحك الظهر المتبادل وكلما ازدادت أعداد اللاعبين، كلما أصبح تحصيل المعلومات الدقيقة عن السمعة أكثر صعوبة، فعلى سبيل المثال، يوصي البعض بأن النظام المحكم للارتباطات المميزة لمجتمعات رجال الأعمال الصينيين فيما وراء البحار في آسيا، يمكن أن ينهار مع توسع السوق. وهناك حل مختلف تماماً يكمن في إقامة نظام مركزي لمراقبة البيروقراطية من شأنه التقليل من فرص المعاملات التبادلية التي تنتشر مع الوقت.
وبالطبع لن ينجح هذا الخيار إذا ما أصبح أداة لدمج جميع التعاملات الفاسدة في جعبة واحدة، ويبقى الأمل في السيطرة المركزية التي سوف تكشف بشكل أكثر وضوحاً عن التعاملات الباقية على مبدأ المنفعة المتبادلة. وينظر إلى توسيع السوق وتحسين المراقبة معاً على أنها تحركات باتجاه اقتصاد لا شخصي ونظام سياسي وهذه التغيرات يمكنها تدمير شبكات الأعمال الفاسدة ولكنها أيضاً قد تدمر أية وظائف إيجابية وضعتها تلك الشبكات.
المحسوبية، إعطاء الهدية والتطير الاقتصادي:
ترسم اقتصاديات السوق المتطورة حدوداً أساسية وغير أساسية بين التعاملات التجارية غير الشخصية في السوق والوظائف الحكومية من جهة وبين الروابط الشخصية من جهة أخرى. وتنظم قوانين صلات التموين وتضارب المصالح أدوات الربط بين المال والسياسة كما تقوم الأعراف السلوكية بتحديد تداخلات السوق في العلاقات العائلية وعلاقات الصداقة وتمنع المعايير الصحافية المراسلين الصحافيين من قبول النقود لأجل كتابة مواضيع خاصة ولكن مع ذلك تبقى الفوارق بين الأسعار والرشاوى والهدايا والبقاشيش صعبة التحديد والتقييم على أسس معيارية. في البلاد النامية تعتبر هذه المشكلة أكثر إرباكاً والخطوط الفاصلة بين السوق والعائلة وبين القطاعات الخاصة والعامة غالباً ما تكون ضبابية وفي حالة تغير متواصل.
ويأخذ الاقتصاديون الكلاسيكيون على عاتقهم حذف الروابط الشخصية بين المشترين والبائعين. ويجادلون بأن عدم شخصانية السوق تعتبر واحدة من مزياه. فالتجارة تدار بفعالية عن طريق أفراد يبنون قراراتهم التجارية على الصفات المميزة للمنتجات والأسعار. والأسواق تتحفظ على المعلومات وتضمن بصفاتها غير الشخصية تسليم المبيعات إلى أولئك الأكثر تقديراً للبضائع. فالمرء ليس بحاجة لأن يحب شخصاً أو يحترمه من أجل أن يتاجر معه كما أن عملية الاتجار نفسها لا تعتبر مصدراً للخدمات. ومع ذلك فإن هوية المشترين والبائعين في العالم الواقعي تعتبر على الدوام جزءاً مهماً من المعلومات التي تبنى عليها السعة والثقة. والعلاقات الشخصية بين المشترين والبائعين يمكن أن تكون فعالة في حالات الصفقات المعقدة. وقد تبنى العلاقة على أسس العاطفة والاحترام أو على أسس الخوف والإكراه. وإذا كان من السهل نسبياً إقامة علاقات شخصية فإن مشاكل مثل الاحتيال ورداءة نوعية البضاعة يمكن تقليصها عن طريق الجهود المبذولة لخلق سمعة نوعية عن طريق اللطف في التعامل، كما يمكن أن تحل المشاكل التي تظهر على الطريق من خلال التعاون في ما بين مجموعات ذات علاقات متبادلة (باردهان 1993، استرون وجاردنر 1993).
ولا تنسجم الروابط الشخصية دائماً مع الفعالية ولكن الثقة والسمعة والمنافع المتبادلة يمكن أن تسهل وقوع الفساد وتعرقل محاولات تحسين أداء الدولة. وإذا ظل الناس يقصرون تعاملهم مع أصدقائهم فقط، فإن هذا قد يحد من قدوم الدخلاء إلى السوق ويدفع بوكلاء المبيعات والمشتريات إلى محاباة الأقارب والأصدقاء. والرقابة المقرونة بالعلاقات الشخصية إضافة إلى ضبط الصنف تأتي على حساب ارتفاع تكاليف الدخول على من هم خارج الحلقة. واذا كانت المصالح الاقتصادية الخاصة مرتبط بموظفين حكوميين فإن أنظمة التعامل الوراثية والزبونية يمكن أن تتطور باتجاه تبادل الدفعات والرشاوى والمحاباة مما يدمر شفافية وفعالية المؤسسات الخاصة.
وفي الأنظمة الوراثية يصبح الموظفون العامون هم أصحاب المحل في حين ينقلب القطاع الخاص ليصبح زبوناً. وبالمقابل تهيمن المصالح الخاصة على مسار الدولة في الدول التي تعتمد المصلحية في التعامل (كان 1996). لنأخذ مثلاً دولة بنغلادش عند استقلالها وهي مثال على الدولة الوراثية الحكم فبعد انفصالها عن باكستان، لم يتبقى فيها رجال أعمال محليين وأقوياء. فقد كان رجال الأعمال لدولة مصلحية التعامل وضعيفة، تهيمن عليها مصالح العمل الخاص (ماتشكسروفت 1998).
على الرغم من أن الكثر من المصالح الحميمة تبحث فقط عن الأجور إلا أنه يوجد هناك آخرون يهتمون بتطوير مشاريع العمل الإنتاجية بدون زيفٍ أو تكلف (بنشز 1996). عملياً لن يكون واضحاً فيما إذا كان المهيمن هو الحكومة أم القطاع الخاص لأن الاثنين يعملان متعاضدين من أجل تحقيق مكاسب متبادلة. وقد أوضحت دراسة لحالات الفساد الحديثة في إيطاليا وجود مثل هذه الظاهرة المتعلقة بالاتكال المتبادل وأظهرت كيف يمكن المحافظة على هذه الحالة عن طريق التهديدات التي يطلقها كل طرف بكشف الفساد لدى الطرف الآخر (ديلابورتا وفنوتشي 1997)، وفي المجتمعات التي تنطوي على شبكات أعمال متبادلة ومطوقة بإحكام لا يوجد لدى المواطنين إلا القليل من الاهتمام بفعالية السوق والقطاع العام وقد يعتبر هؤلاء أن الأسواق غير الشخصية هي أسواق غير شرعية ومفلسة أخلاقياً. وكحد أقصى فإن الفكرة بشأن مبدأ المنفعة المتبادلة قد تكون هنا في موضع شك.
وقد يظن الناس بأن عليهم أن يعطوا بحرية إلى آخرين من عائلاتهم أو معارفهم متوقعين المعاملة بالمثل فيما بعد. وعلى الرغم من أن المراقب قد يلاحظ ما يبدو أنه حضارة تجارية فعالة فإن أولئك الذين داخل النظام لا ينظرون إليها بتلك الطريقة فالتجارة، بالنسبة لهم تعتبر قانونية بوجود شركاء خاصين على الجانب الآخر من الصفقة.
والمجتمع الذي يرتكز على مثل العلاقات الشخصية العميقة سوف يجد صعوبة في تطوير معيار واسع للمشاريع الرأسمالية أو لدعم التجارة عبر الحدود بشكل فعّال ولكنه قد يخرج بنظام فقير، مكتفٍ ذاتياً وقابل للتطبيق.
والمجتمعات التي ترتكز على علاقات تبادلية قوية، تملك فكرة عامة وضعيفة عن العلاقات الرسمية بين المدير والوكيل والالتزامات التي تفرضها تلك العلاقات على الوكلاء.
ولعل الفكرة القائلة بأن المرء يحمل مسؤوليات متميزة أمام مديره بعيداً عن روابط الولاء والصداقة والنسب، تبدو غريبة أو غير طبيعية، ومثل هذه المجتمعات قد تجد صعوبة في إقامة بيروقراطيات حديثة تضم موظفين منتقين على أسس مهاراتية، يتوقع الناس منهم أن يفصلوا بين دورهم كموظفين وبين دورهم كأصدقاء أو أقارب.
وينظر المواطنون إلى الروابط الشخصية مع الموظفين على أنها أمر ضروري لإنجاز الأعمال ويعتقدون بضرورة مكافأة الموظفين الجيدين من خلال تقديم الهدايا والمنح لهم. ويسعى الموظفون ذوو المنزلة الرفيعة في الحكومة إلى ضمان ولاء من هم أدنى منهم رتبة عن طريق تعيين مرؤوسين يرفضون تلقي الهدية ما لم تحظى بموافقة من هم أعلى منهم. وعند ذلك تقوم جماعات المحسوبيات بالمشاركة في الدفعات صعوداً ونزولاً على السلم الوظيفي الهرمي ويتم تقاسم الدفعات المقدمة إلى القمة وتلك التي جمعت في أسفل الهرم مع الموظفين الأعلى رتبة. والولاء للعائلة والأصدقاء يغلب على الولاء للدولة.
وتعتبر شبكات الأعمال القومية والقائمة على الثقة والسمعة، ذات قيمة لا تقدر بثمن، خلال الفترات التي تكون فيها مؤسسات الدولة ضعيفة وغير فعالة. ففي الفترة الأولى التي تلت حكم الثورة في الاتحاد السوفياتي حلت الشبكات الاجتماعية غير الرسمية مكان البنى المؤسسية الرسمية ونقل الكوادر الذي كانوا يعملون تحت الأرض، ولائهم وارتباطهم إلى داخل الدولة السوفياتية.
ومع مرور الوقت، أصبحت هذه الشبكات مصادر للفساد والمحسوبية والمحاباة واشتكى ستالين من أن تلك البنى الاجتماعية غير الرسمية تقوم بتشويه البنى الرسمية. وقد أعاقت تلك الشبكات جهود غورباتشوف للإصلاح عام 1980 وانقصت من قدرة المركز على تنفيذ السياسات الموضوعة (إيستر 1996: 574، 576، 577).
وبشكل مشابه، في الفترة الحديثة التي شهدت حركات التغيير في أوروبا الشرقية، توسعت العلاقات الشخصية على حساب البنى الرسمية مما أدى إلى تفشي الفساد. وأدى النقص في تفهم مبادئ الإدارة الحكومية إلى إعاقة تطور البيروقراطية في المجتمعات التي تلت اندحار نفوذ السوفيات في أوروبا الشرقية. فالولاء لأعضاء آخرين في المنظمة كان يبدو أهم من الولاء للإدارة الجيدة.
ووفقاً لدراسة أجريت في بلغاريا، ظهر أن الموظفين العاملين في وزارة المالية البلغارية لازالوا يشعرون بأنهم ملزمون بحماية زملائهم في مكاتب الجمارك أكثر تقريباً من إطلاق حملة تحقيق جدّي لما بدا وكأنه ممارسات فاسدة لموظفي الجمارك (فيرهيجن وديمتروفا 996: 205 ـ 206). وتعتبر عواقب هذا الوضع عميقةً على المدى الطويل مما يزيد من صعوبة إيجاد بنى فعالة للدولة.
لنفرض أن قادة أحد البلدان قرروا إدخال مؤسسات سوق حرة وبنى حكومية تحتية لأول مرة على نسق تلك الموجودة في الدول المتقدمة، فماذا سيكون تأثير هذه المؤسسات الجديدة على المواقف الأساسية للشعب؟ إن الانتقال من وضع تعتبر فيه الروابط الشخصية قاعدة سلوك، إلى مجتمع تسوده الموضوعية، وأكثر تحرراً من الروابط الشخصية، وتوجد فيه أسواق قوية ومؤسسات قطاع عام يمكن أن يكون انتقالاً مؤلماً يخضع لدورات من الخير والشر.
إن إدخال مؤسسات جديدة تتطابق بشكل هزيل مع القواعد الأساسية المتبعة، يمكن أن يؤدي إلى ظهور حالات مرضية تجعل من حصول التغيرات التدرجية في المواقف أمراً أقل احتمالاً. في الوقت الذي يرقب فيه الناس ارتفاع تكاليف السوق، لا توجد حدود دقيقة ومعقدة بين النشاطات السوقية وغير السوقية في البلدان التي اعتمدت قليلاً على الأسواق الحرة غير الشخصية في الماضي.
وإذا حاولت مثل هذه البلدان أن ترفع من الدور الوظيفي للسوق في الوقت الذي تقوم فيه بإنشاء دول بيروقراطية حديثة، فإن النظام الناتج قد تتخلله العديد من الأمراض. وتنتشر الرشاوى بين موظفي الدولة، وتقوم العلاقات التجارية في الأسواق على ارتباطات شخصية. وتستمر مشتريات الدولة وتعيين ملاك الموظفين على أسس من المحسوبية والمحاباة. من جهة يمكن أن يفقد السوق شرعيته الهشة عن طريق دخوله عنوة إلى مناطق ينظر اليه فيها بأنه غير شرعي حتى في اقتصاديات السوق المتطورة، ومن جهة أخرى يمكن أن تصبح مأسسة السوق أمراً صعباً في تلك المناطق التي يظهر فيها السوق وقد حقق مكاسباً واضحة وفعالة مقارنة بأماكن أخرى. هناك احتمال لوجود دوائر فاضلة أيضاً فحين يرى الآخرون أن هؤلاء الذين عملوا في القطاعات الحديثة قد استفادوا، يتشكل لهم حافزاً للتجربة ولو على مضض. ففي الصين مثلاً، شجع النجاح الذي حققته بعض الأقاليم، نتيجة تحرير اقتصادياتها، أقاليم محافظة أخرى على تقليدها (شيرك 1994).
فالنجاح الذي يحققه قطاع عمل بحجم صغير أو متوسط، محرر من التحكم المفرط، يمكن أن يشجع آخرين على تجربة حظهم كمستثمرين. ويخشى (روبرت سكالبينوا 1989: 77) أن يستمر المستثمرون الذي جاءوا من بين طبقات الموظفين الصينيين على مواصلة عادتهم المكتسبة منذ وقت طويل، ويعتمدون بشكل شامل على علاقاتهم السياسية وعلى تبادل المنافع. ومع ذلك فهو يشير إلى عودة ظهور روح براغماتية والى استثمارات مستقلة خلاقة كانت قد طمستها الطبقة العليا للدولة الاشتراكية. فالصين تتقدم بسرعة، وما يزال الوقت مبكراً للحكم على الاتجاه الذي تسير إليه وفيما إذا سيكون نحو دوائر الفضيلة التي ستدخل اقتصاد السوق التنافسي أو نحو دوائر الإثم والخيانة والفساد التي تولد شبيهاتها في قطاعات أخرى. هل أن الجهود المبذولة لتقييد التعاملات الشخصية المعقودة من قبل موظفين حكوميين وبين العاملين في الأسواق، وتشوه الملامح المرغوبة للعلاقات الحرة المبنية على الثقة والاحترام؟
يناقش رتشارد تتمس (1970) موضوع عمليات نقل الدم. ويقول أن ازياد دورها في الأسواق قد يكون مصحوباً بشعور لا يحمل الكثير من الالتزام بمساعدة الأقارب والأصدقاء. وقد تنخفض درجة التعاون من أجل حل المشاكل مما يتسبب في معاناة المحتاجين. وعلى الرغم من ذلك، وإذا حدث أي نشاط تبادلي، فإن الولايات المتحدة توصي بأن لا يكون هذا النشاط صارخاً.
وعلى الرغم من تشكيكات بعض الكتّاب، فالولايات المتحدة تملك شبكة واسعة وكثيفة من المنظمات التي لا تتوخى الربح، كما تملك تاريخاً طويلاً من العمل التطوعي ومن التبرعات الخاصة بالإحسان وبالأقرباء. وتعتمد الكثير من علاقات الأعمال الخاصة على الثقة والسمعة من اجل ضمان إنجاز عال المستوى.. ويحدد تنظيم الحملات السياسية والسلوك البيروقراطي من التعامل المصلحي على الرغم من أن الثروة الخاصة، بالطبع، ما تزال ذات تأثير هام على الحياة السياسية.
وفي أفريقيا، يقوم بعض المراقبين المحبطين من فشل التجارب التنموية السابقة بالحث على إجراء دراسة أكثر دقة للمؤسسات الأهلية. ويناقش ممادوديا بأن أفريقيا تواجه أزمة مؤسسات وأن هذه الأزمة ناشئة بشكل رئيسي عن انقطاع الاتصال البنيوي والوظيفي. أو عن نقص التقارب بين المؤسسات الرسمية التي زرعت من الخارج. والمؤسسات غير الرسمية متجذرة في تاريخ أفريقيا. وتتميز ثقافتها وأعرافها بحكم المجتمع المدني على وجه العموم (ديا 1996: 29).
ويقدم ديا عدداً من الحالات التي تبين نجاح الجهود المبذولة لدمج قيم الثقافة المحلية وممارساتها في جهود التطوير الحديث. على سبيل المثال، قدمت شركة الكهرباء العامة في كوت دي فيروي، جهداً منظماً للمصالحة بين الثقافة المجتمعية وثقافة المؤسسات بدون أن تتحيز لأي منهما (نفس المصدر 222 ـ 227) وكان المقصود هنا هو توجيه سؤال حول كيفية دمج التقاليد المؤسسية والممارسات القديمة مع الخبرات الحديثة بالتركيز على أفضل ما فيهما من أجل النهوض بالاقتصاد.
وتعطي الخدمات الائتمانية والمصرفية مثالاً على ذلك، ففي العديد من الدول النامية، يوجد مصدر عام للفساد والمحسوبية. ومن غير المحتمل أن تقوم النخبة التي تسيطر على مخصصات القروض بتسليم هذا المركز المميز والقائم على ارتباطات حميمة بالحكومة، وهنا يتوجب على الإصلاحيين أن يجدوا طريقة لتقديم القروض خارج هذه الشبكات المحسوبية الموجودة. وقد برزت عدة تجارب واعدة في هذا المجال، والهدف هنا ليس إعادة تشكيل الأطر المؤسسية المعهودة في الدول النامية والتي تركز على التقييمات المطوَّلة للمخاطر والمردودات بل تتفهم هذه التجارب أهمية الارتباطات الشخصية مع تقديم بدائل لتخصيصات القروض مبنية على العضوية في جماعات من النخبة.
فالعلاقات الحميمة التي تربط بين الجيران في المجتمعات الفقيرة تعتبر مكملة للجهود المبذولة من أجل إنشاء نظام بنكي. والضغوط الاجتماعية تشجع الناس على العودة للدفع ولكن القروض الأساسية صممت لأولئك الذين هم خارج دائرة المقترضين.
عملياً حققت بعض هذه التجارب نجاحاً فقط في تقديم القروض لبعض المزارعين المحليين ذوي النفوذ (روبنسون 1992: 22 ـ 23، 27 ، 57) إلا أن بعضها الآخر نجح في تجيير تلك الضغوط الاجتماعية لصالح تشجيع الدفع. ومع ذلك فإن علينا أن ننتظر لنرى إذا كان بالاستطاعة تنظيم مثل تلك البرامج بدون الحاجة إلى تقديم أي دعم.
استنتاجات:
إن تعريف الرشوات والهدايا هو مسألة حضارية لكن الحضارة تتحرك وتتغير باستمرار فالتصرف الذي يراه البعض فاسداً، ينظر إليه البعض الآخر على أنه نوع من إعطاء الهدايا أو المكافأة، ويجب أن يتم تدوينه وإعطائه صفة شرعية. ولكن إذا انطوت هذه الممارسات على تكاليف خفية أو غير مباشرة على الجمهور، فيجب على المحللين ان يحققوا فيها وأن يقوموا بتوثيقها. وتعريف التصرف المقبول قد يتغير عندما يصبح الناس على علم بالتكاليف التي قد تتكبدوها نتيجة سكوتهم عن الدفعات التي يقبضها السياسيون والموظفون المدنيون. وفي المقابل قد يتعلم الخبراء شيئاً جديداً عن تنظيم النشاطات الاقتصادية والاجتماعية من خلال دراسة الأنظمة التي تشكل فيها "العقود الضمنية" الإطار الوحيد للصفقات والتي تدخل فيها العلاقات الشخصية في صلب الحياة الاقتصادية.

المصدر: سوزان روز أكرمان/الفساد والحكم.. الاسباب، العواقب الإصلاح، ترجمة فؤاد سروجي، الأهلية للنشر والتوزيع، عمان.
(*) استاذة القانون والعلوم السياسية بجامعة ييل، بأمريكا، المدير المشارك لمركز كلية الحقوق والاقتصاد والحقوق والسياسة العامة، في الجامعة نفسها.