السبت، 19 نوفمبر 2011

الضمان الاجتماعي............. أكذوبة الدولة المعاصرة




يقصد بالضمان الاجتماعي التأمينات الاجتماعية التابعة للقطاع الحكومي و إيراداتها عبارة عن جزء من راتب الموظف يقتطع من قبل رب العمل من قيمة راتبه وجزء يدفعه رب العمل من قيمة الراتب للعامل مقابل هذا الإيراد تلتزم التأمينات الاجتماعية بتعويض الراتب التقاعدي و تعويض إصابات العمل و تعويض الوفاة أثناء العمل.
قانون الضمان الاجتماعي هو إلزام صاحب العمل برعاية بعض شؤون الأجير، فيلزمه بما سمي حقا مكتسبا للأجير كالتقاعد والمكافآت والتطبيب.

ابتدعت الدولة المعاصرة فكرة الضمان الاجتماعي من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، لكفاية الأجير من قبل صاحب العمل،‎و إلزام صاحب العمل بتحسين أحوال الأجير المعيشية مع إبقائها دائما في ادني مستويات المعيشة أملا في تطويل عمر النظام.

يبدوا جليا أن الضمان الاجتماعي فاسد من أساسه،‎وفساده من فساد النظام،‎فمن حيث واقعه فانه لا يحل مشكلة احد، فــــاجر الأجير في الدول الرأسمالية الصناعية ذات الحركات العمالية القوية مربوط دائما بأدنى مستويات المعيشة، وطبيعي أن نسبة منه مهما ارتفعت تنزل بعيش الأجير عن ذلك المستوى .

إذا كان الضمان الاجتماعي جدلا يحل مشكلة الإجراء فمن يحل مشكلة البائع على العربة وماسح الأحذية وسائق السيارة والبستاني ...................الخ ? هذا من حيث واقعه، أما من حيث غايته فانه تكريس لعدم مسؤولية الدولة عن رعاية شؤون الناس فيها وإناطة تلك الرعاية بالآخرين،‎وهو تضليل وخداع للناس ودجل عليهم لجعل الصراع بين الأجير وصاحب العمل بدل أن يكون صراعا بين جميع الناس والدولة .
ولا عجب أن يصدر هذا القانون و أمثاله في دولة اقل ما تتصف به سوء الرعاية وانعدام المسؤولية، فالناس يعانون من الجوع من جراء الغلاء الفاحش في أجور مساكنهم وفي أقواتهم وضروريات حياتهم، والسواد الأعظم من الأجراء تجب لهم الزكاة،‎ثم تأتي الدولة فتصدر قانون الضمان الاجتماعي كحل لمشكلة الفقر والحرمان .‎

أقول لا عجب، لان مهمة الدولة إرهاب الناس ومحاربتهم في أقواتهم لإبقائهم في فقر دائم، حتى يصبح الواحد ويمسي والرغيف اكبر همه يحجب تفكيره عما سواه، فليست القضية قضية تقصير وتهاون، وإنما هي سياسة متعمدة يخطط لها.‎
إن رعاية شؤون كل فرد من أفراد الرعية واجب من واجبات الدولة، وكفايته حق من حقوقه عليها، فقد قال صلى الله عليه وسلم ((‎كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته،‎فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته )).
وكفاية الفرد إنما تكون بإشباع حاجاته الأساسية، أما في الدول المتأخرة فان الأجور في أحسن درجاتها تصل بالأجير إلى أدنى مستويات المعيشة تاركة القسم الأكبر من الأجراء في عوز وجوع دائمين،‎فماذا تنفع نسبة منها ? الحاجات الأساسية للإنسان هي:المأكل ، الملبس ، المسكن

وقد حل الإسلام مشكلة الفقر بان أوجب إشباع الحاجات الأساسية هذه إشباعا حقيقيا لكل فرد بعينه والإشباع يجب أن يكون إشباعا حقيقيا وكليا لكل فرد بعينه ومعنى بالمعروف هنا ما عرف من نفقة مثله من مأكل وملبس ومسكن لدى الناس، أي ليس مجرد الكفاية وإنما الكفاية بالمعروف و لقد أوجب الإسلام على الدولة تحقيق إشباع الحاجات الأساسية لكل فرد بعينه، أوجب كذلك إشباع الحاجات الأساسية للرعية،‎وهي الأمن والتطبيب والتعليم،‎فتحفظ الدولة امن الجميع وتؤمن التطبيب والتعليم للجميع لا فرق بين غني وفقير ولا بين موظف وغير موظف،‎وتدفع جميع النفقات المترتبة على ذلك من بيت المال أي من خزينتها .‎
وبإشباع الحاجات الأساسية من مأكل وملبس ومسكن لكل فرد بعينه إشباعا كاملا حقيقيا بالمعروف، وتمكين كل فرد من إشباع حاجاته الكمالية بتسهيل التسابق للحصول عليها، وبإشباع الحاجات الأساسية للأمة من امن وتطبيب وتعليم،بذلك يقضى على الفقر قضاء حقيقيا ويسار بالمجتمع نحو الرفاهية الحقة .










إن حق الضمان الاجتماعي هو حق ثابت في الشريعة الإسلامية للفقراء والضعفاء، وليس منه للمجتمع أو للأغنياء أو للدولة على الفقراء. بل هو مظهر للإيمان بالله واليوم الأخر ولتكريم بني آدم كما كرمهم الله، وهو نتيجة بديهية للأخوة الإسلامية التي تجعل المجتمع كالجسد الواحد. ومهما كان الوضع الاقتصادي للمجتمع المسلم فلا بد من تطبيق هذا الحق من حيث المبدأ. لكن مدى هذا التطبيق ونطاقه يؤخذ فيه بإمكانات المجتمع الواقعية الاقتصادية والأخلاقية.

المنهج الإسلامي يقوم على تعدد الصيغ والوسائل التطوعية والإلزامية، على اللامركزية، وعلى تشجيع الأفراد على الاعتماد على أنفسهم إلى أقص قدر ممكن، وعلى تشجيع وتنظيم التطوع إلى أقص حد ممكن، وعلى تقوية صلة الأرحام واعتبار الأسرة خط الدفاع الأول في الضمان الاجتماعي، واعتبار الدولة وبيت المال العام خط الدفاع الأخير.

علينا الاستفادة من التجارب الإنسانية والسنن الاجتماعية التي يدل عليها استقراء وقائع الضمان الاجتماعي في العالم، وبخاصة صيغ تنظيم اعتماد الأفراد والأسر على النفس عن طريق التكافل المتبادل

لا ريب ان حق الضمان الذي نتحدث عنه يشمل الطعام والشراب واللباس والمأوى وسواها من الحاجات المادية اللازمة لحفظ الحياة، كالدواء مثلا. لكن الذي لا ريب فيه أيضاً أن هذا ليس هو كل ما أوجب الإسلام علينا أن نضمنه للفقير والضعيف.

والذي يبدو لي أن أفضل طريقة للتعبير عن المبدأ الشرعي في هذا المجال هو الانطلاق من المقاصد التي حرصت الشريعة على حفظها للفرد والجماعة،





هذه هي الرعاية الصحيحة، وهي الرعاية التي أوجبها الله على الحاكم وهي التي جسدها عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال : واللـــه لو أن شاة عثرت بأرض العراق لكنت مسئولا عنها ولخشيت أن يحاسبني الله عليها يوم القيامة. فأين منها الضمان الاجتماعي،‎وأين منها دجل الدولة وتضليلها فمن واجب أعضاء المجلس الشعبي وقد البسوا ثوب تمثيل الأمة أن يرفضوا أن تجعل منهم الدولة أداة تلبس بها خيانتها للأمة لباس الشرعية حتى لا يكونوا شركاء في الجريمة،‎ومن واجب كل فرد في الأمة أن يعمل وإقامة العدل و لمثل هذا فليعمل العاملون .‎

نظم معلومات التأمين الإجتماعى



مقدمة



لم يعد إستخدام نظم المعلومات في مجال التأمين الإجتماعي من امور الرفاهية – بل أصبح ضرورة لا غني عنها لضمان النجاح في هذا المجال – ونظرا لأهمية نظم المعلومات في مجال التأمين الإجتماعي , فقد يكون من المناسب أن نستعرض هذا الموضوع ونحن بصدد دراسة ومناقشة المسائل المتعلقة بالضمان الإجتماعي وشبكات الأمان الإجتماعي.



ونستعرض هذا الموضوع في النقاط الرئيسية الأتية:



أولا: خصائص نظم التأمين الإجتماعي

تتميز نظم التأمين الإجتماعي عن غيرها من مجالات العمل الأخري بعدة خصائص – نوجزها فيما يلي:

1- تعامل نظام التأمين الإجتماعي مع جميع أفراد المجتمع.



2- تعامل نظام التأمين الإجتماعي مع كل من أفراد المجتمع العمر كله , بل وقبل الميلاد وبعد الوفاة.



3- تعامل نظام التأمين الإجتماعي مع كم كبير من البيانات.



4- إحتياج نظم التأمين الإجتماعي للعديد من الإحصاءات اللازمة لتحديد أعباء النظام.



5- التطور المستمر لنظام التأمين الإجتماعي.



ونتناول كل من هذه الخصائص علي النحو التالي:

1- تعامل نظام التأمين الإجتماعي مع جميع أفراد المجتمع:

ويمكن إيضاح ذلك من خلال تعامل نظام التأمين الإجتماعي مع الفئات الاتية:

أ‌- المؤمن عليهم:

وذلك من خلال التغطية الشاملة لجميع من هم في سن العمل ضد مخاطر الشيخوخة والعجز والوفاة والإصابة والمرض والبطالة – وهم أصحاب المصلحة الحقيقية من نظم التأمين الإجتماعي.

ب- جهات العمل:

ويقصد بها الجهات التي يعمل بها المؤمن عليهم – سواء كانت هذه الجهات حكومية أو قطاع عام أو قطاع خاص وسواء كانت شركات أو منشآت فردية.

ج- أصحاب المعاشات:

ويقصد بهم الأفراد الذين تحقق بالنسبة لهم شروط إستحقاق معاش الشيخوخة أو العجز.

د- المستفيدون:

ويقصد بهم أفراد أسرة المؤمن عليه أو صاحب المعاش - الذين تتوافر فيهم شروط إستحقاق المعاش وهم من كان المؤمن عليه أو صاحب المعاش يعولهم حال حياته – وهم:

الزوج – الزوجة – الإبن – البنت – الوالد – الوالدة

ويضاف إليهم أحيانا: الجد – الجدة – إبن الإبن – بنت الإبن.

ه- القائمون بالصرف:

وهم الأفراد الذين يوكل إليهم القيام بصرف المعاش نيابة عن صاحب المعاش أو المستحقين.



2- تعامل نظام التأمين الإجتماعي مع كل من أفراد المجتمع العمر كله بل وقبل الميلاد وبعد الوفاة:

وذلك لأن كل من أفراد المجتمع يتعامل مع نظام التأمين الإجتماعي بثلاث صفات أساسية كما يلي:

أ‌- بإعتباره مستفيد:

وذلك من لحظة الميلاد حتي بلوغ سن العمل.

ب- بإعتباره مؤمنا عليه:

وذلك من لحظة بلوغه سن العمل حتي بلوغ سن التقاعد.

ج- بإعتباره صاحب معاش:

وذلك من تاريخ تحقق إحدي حالات إستحقاق المعاش حتي تاريخ الوفاة.



وبالتالي فإن كل فرد من افراد المجتمع يتعامل مع نظام التأمين الإجتماعي العمر كله – بل أن هذا التعامل يمتد ليشمل:

أ‌- مرحلة ما قبل الميلاد (الحمل المستكن):

يراعي نظام التأمين الإجتماعي في توزيع المستحقات التأمينية وجود هذا الحمل – حيث:

(1) بالنسبة للمعاش:

في بعض التشريعات يحجز له نصيب في المعاش يصرف له عند إنفصاله حيا , وفي بعض التشريعات الأخري يعاد توزيع المعاش عند إنفصاله حيا.

(2) بالنسبة للمبالغ المستحقة دفعة واحدة:

يحجز له نصيب يصرف له عند إنفصاله حيا.

ب- مرحلة مابعد الوفاة:

يتم التعامل مع المستحقين من خلال ملف حالة المعاش بإسم المؤمن عليه أو صاحب المعاش.



3- تعامل نظام التأمين الإجتماعي مع كم كبير من البيانات:

حيث تتمثل هذه البيانات في:

أ- بيانات عن جهة العمل:

الإسم – النشاط – العنوان – تاريخ بدء النشاط – بيانات المدير المسئول – الأجور الشهرية للعاملين – الإشتراكات الشهرية – المبالغ المسددة .... إلخ.

ب- بيانات عن المؤمن عليه أو صاحب المعاش:

الإسم – تاريخ الميلاد – النوع – العنوان – الحالة الصحية – جهة العمل – تاريخ بداية الإلتحاق – تدرج الأجر – تاريخ نهاية العمل وذلك بالنسبة لكل جهة يعمل بها.



ج- بيانات عن المستحقين:

الإسم – تاريخ الميلاد – النوع – صلة القرابة بالمؤمن عليه أو صاحب المعاش – الحالة الإجتماعية بالنسبة للإناث (أنسة – متزوجة – مطلقة – أرملة) – الحالة التعليمية بالنسبة للذكور – الحالة الصحية.



4- إحتياج نظم التأمين الإجتماعي للعديد من الإحصاءات اللازمة لتحديد أعباء النظام:

تتعامل نظم التأمين الإجتماعي مع العديد من الإحصاءات المتنوعة التي تعكس العديد من العلاقات المتشابكة والتي تلزم بصفة أساسية لتحديد تكلفة التمويل للمزايا التي يكفلها هذا النظام , وكذا لإعادة فحص المركز المالي للنظام من وقت لأخر.

ويمكن الإشارة إلي بعض هذه الإحصاءات فيما يلي:

أ- جداول الحياة:

وهي جداول إفتراضية توضح عدد الأحياء في سنوات العمر المختلفة الناتج من عدد كبير جدا من الأشخاص عند أصغر سن في الجدول ويسمي هذا السن بالسن الأصلي للجدول , كما يسمي هذا العدد بالعدد الأصلي للجدول – وذلك بفرض أن هذا العدد لا يتناقص إلا بالوفاة فقط.

ب- مقياس تدرج الأجور:

هو مقياس إفتراض يعد من واقع بيانات إحصائية مستخرجة من البيانات الخاصة بمجموعة المؤمن عليهم الذين سيطبق عليهم المقياس بعد الأخذ في الإعتبار كافة العوامل الإقتصادية والإحصائية والإكتوارية.

وهويعطينا الأجر الإفتراضي لأي شخص بين تمام السن س والسن س+1 إذا كان أجره هو الأجر الإفتراضي عند أصغر سن في الجدول.

ج- سعر الفائدة:

حيث أن الإشتراكات المحصلة لا تصرف في شكل معاشات أو تعويضات إلا بعد مرور فترة زمنية طويلة – لذلك فقد كان من المنطقي أن يدخل سعر الفائدة عن الإحتياطيات المتراكمة كأحد العوامل المؤثرة في تحديد قيمة الإشتراكات.

ويدخل التنبؤ بسعر الفائدة خلال عدد كبير من السنوات في مسئولية الخبير الإكتواري.

د- معدلات ترك الخدمة بسبب العجز:

ويعتمد الخبراء الإكتواريون في ذلك علي إحصاءات العجز في فترات الخدمة السابقة , وكذا مدي تأثير ما يضمنه التأمين من مزايا في حالات العجز في دفع بعض المؤمن عليهم لإنهاء خدمتهم بسبب العجز بدلا من الإستمرار في الخدمة.

ه- معدلات ترك الخدمة بالإستقالة قبل بلوغ سن التقاعد:

ويساهم في تحديدها بصفة رئيسية الإحصاءات المتوافرة عن المدة السابقة.

و- نسبة المتزوجين من الوفيات في الأعمار المختلفة من واقع الخبرة الإكتوارية.

ز- الفرق بين سن الزوج وسن الزوجة في المتوسط في الأعمار المختلفة.

ح- فارق السن بين سن المؤمن عليه وسن أصغر الأولاد في المتوسط في الأعمار المختلفة.



ط- نسبة الإناث من المؤمن عليهم المشتركين في النظام في الأعمار المختلفة , وذلك نظرا لأنه غالبا لا ينشا معاش مقابل لمعاش الأرملة في حالة وفاة المؤمن عليها (الأنثي) أثناء الخدمة.



5- التطور المستمر لنظام التأمين الإجتماعي:

حيث أنه من إستعراض نظم التأمين الإجتماعي منذ بدايتها – يتبين أنها بدأت في صورة بسيطة ثم أخذت في التطور في إتجاهين رئيسيين:

أ‌- التطور الأفقي:

حيث يبدأ تطبيق هذه النظم علي نطاق ضيق , ثم يتم التوسع في التطبيق ليشمل فئات أخري.

ب‌- التطور الرأسي:

حيث يبدأ تطبيق هذه النظم من خلال عدد محدود من المزايا أو المخاطر ثم يمتد التطبيق إلي مزايا ومخاطر أخري.



ثانيا: التأمينات الإجتماعية ونظم المعلومات

نظرا للخصائص التي تتميز بها التأمينات الإجتماعية والسابق الإشارة إليها في الجزء أولا , فإن نظم المعلومات بإستخدام الحاسبات الإلكترونية في مجال تطبيق التأمينات الإجتماعية لم يعد من أمور الرفاهية , بل أصبح ضرورة لا غني عنها لضمان النجاح في هذا المجال.



ثالثا: الأسس الرئيسية لنظام المعلومات

يعتمد نظام المعلومات في مجال التأمينات الإجتماعية علي دعامتين رئيسيتين هما:

1- مركزية البيانات (قاعدة البيانات) (Data Base):

وتعني الإحتفاظ بالبيانات المتعلقة بتطبيق نظام التأمين الإجتماعي والخاصة بكافة المتعاملين مع النظام بمكان واحد (قاعدة البيانات) , وتنظيمها من حيث علاقاتها المنطقية ببعضها البعض من خلال مجموعة من قواعد البيانات المحتفظ بها في تنسيق كامل مع كافة الجهات التي تتعامل في مجال التأمين الإجتماعي.



2- لا مركزية التعامل مع البيانات (الإتصال المباشر بالبيانات) (On Line System):

وذلك من خلال النهايات الطرفية المنتشرة علي مستوي الدولة بالوحدات الفرعية لمنظمة التأمين الإجتماعي والمتصلة بقواعد البيانات السابق الإشارة إليها – حيث يتاح للعاملون بالمنظمة أيا كان موقع عملهم وعلي أختلاف مستوياتهم وتخصصاتهم من خلال نظام دقيق لسرية التعامل مع قواعد البيانات , التعامل مع هذه البيانات - بحيث لا يكون هناك فاصل زمني بين لحظة طلب الخدمة ولحظة الحصول عليها.



رابعا: النظم الفرعية والرئيسية لنظام المعلومات

في مجال التأمين الإجتماعي

يتكون نظام المعلومات في قطاع التأمين الإجتماعي من أربعة نظم فرعية رئيسية هي:

1- نظام الرقم التأميني للأفراد:

والمهمة الرئيسية لهذا النظام هي تحديد رقم تأميني لكل مواطن ينفرد به عن باقي المواطنين يمكن له من خلاله التعامل مع نظام التأمين الإجتماعي بأي صفة كانت (مؤمن عليه – صاحب معاش – مستفيد – قائم بالصرف).

ملحوظة:

يمكن إستخدام الرقم القومي للأفراد في حالة تطبيقه بالدولة بدلا من إنشاء رقم تأميني.



2- نظام الرقم التأميني للمنشأت:

ويتيح هذا النظام تحديد رقم تأميني لكل منشأة علي حدة أيا كان القطاع الذي تنتمي إليه (عام – حكومي – خاص) , بحيث يحدد من خلال الرقم التأميني للمنشأة موقفها من نظام التأمين الإجتماعي وبصفة خاصة الموقف المالي من النظام – مالها وما عليها.



3- نظام التغطية التأمينية:

ويهدف هذا النظام الي تكوين ملف تأميني عن كل مؤمن عليه يتضمن بصفة أساسية مدد إشتراكه بأنواعها المختلفة وتطور أجر إشتراكه وذلك بشكل تفصيلي يتيح تحديد مستحقاته التأمينية فور تحقق أحد الأخطار المؤمن ضد حدوثها.



4- نظام المزايا التأمينية:

ويهدف هذا النظام إلي تحديد المزايا التأمينية التي يتضمنها نظام التأمين الإجتماعي للمؤمن عليه أو المستحقين عنه بحسب الأحوال , فور تحقق أحد الأخطار الموجبه لإستحقاقها مع متابعة مدي توافر شروط إستحقاقها , ويتضمن هذا النظام الوظائف الرئيسية الاتية:

أ‌- إختبار شروط الإستحقاق لكل ميزة.

ب‌- حساب قيمة الميزة.

ج- تحديد المستحقين للميزة في حالة وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش.

د- توزيع قيمة الميزة علي المستحقين.

ه- متابعة مدي توافر شروط إستمرار صرف الميزة.



خامسا: قواعد البيانات الرئيسية لنظام المعلومات

يتضمن نظام المعلومات في قطاع التأمين الإجتماعي العديد من قواعد البيانات في تنظيم منطقي للعلاقات بين بيانات كل منها من جهة , وفيما بين قواعد البيانات وبعضها البعض من جهة أخري , ومن أهم قواعد البيانات المشار إليها مايلي:



1- قاعدة بيانات الأفراد (الرقم التأميني):

وتتضمن بيانات خاصة بكل مواطن تتمثل في:

أ‌- الإسم.

ب- إسم الأب.

ج- إسم الجد.

د- إسم العائلة.

ه- النوع (ذكر – أنثي).

و- تاريخ الميلاد (يوم – شهر – سنة).

ز- جهة الميلاد (محافظة – مركز أو قسم).

ح- إسم الأم ثنائي.

ط- القطاع الذي يتبعه (حكومي – عام – خاص).

ي- المنطقة أوالمكتب الذي تم من خلاله تحديد الرقم التأميني.



2- قاعدة بيانات الأسرة:

وتتضمن العلاقات المتكاملة للأسرة الصغيرة من خلال الأرقام التأمينية لأفرادها وتواريخ وقائع الزواج والطلاق والترمل , وتشمل الأسرة الصغيرة (الزوج – الزوجة – الأبناء)

ومن خلال العلاقات المتكاملة للأسر الصغيرة مع بعضها البعض يمكن تكوين علاقات القرابة بأشكالها المختلفة والمتنوعة حيث يمكن بالنسبة لكل مواطن تحديد:

الأبناء – الوالدين – الزوجة أو الزوجات – المطلقات – الأخوة والأخوات – أي من درجات القرابة الأخري



3- قاعدة بيانات المنشأت:

وتشتمل علي مجموعات متنوعة من البيانات تتمثل في:

أ- البيانات الأساسية للمنشأة: وتشمل:

(1) المنطقة أوالمكتب التابعة له.

(2) قطاع المنشأة (حكومي – عام – خاص).

(3) رقم المنشأة.

(4) إسم المنشأة.

(5) نوع النشاط.

(6) تاريخ بدء النشاط.

(7) الكيان القانوني.

(8) رقم وتاريخ قرار الإنشاء.

(9) العنوان بالتفصيل (رقم العقار – إسم الشارع – شياخة – قسم – محافظة).

(10) تاريخ إنتهاء النشاط إن وجد والسبب.

(11) بيانات المدير المسئول (رقمه التأميني).

(12) عدد المؤمن عليهم التابعين للمنشأة.



ب- سجل الأجور الشهرية:

ويشمل بيان الأجور بحسب نوع التأمين الخاضعة له:

(1) تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة.

(2) تأمين إصابة العمل.

(3) تأمين المرض.

(4) تأمين البطالة.

ج- بيانات الرصيد الخاص بالمنشأة:

ويشمل مجموعة كاملة من البيانات التفصيلية التي توضح مفردات الرصيد – وذلك كما يلي:

(1) شهر الرصيد.

(2) إجمالي الرصيد مع بيان ما إذا كان دائنا أو مدينا.

(3) مفردات الرصيد المدين:

إشتراكات عام حالي – إشتراكات أعوام سابقة.

ريع إستثمار – مبلغ إضافي للتخلف عن الإشتراك .... إلخ



د- بيانات الدين المقسط:

(1) إجمالي الدين.

(2) القسط الشهري.

(3) بداية التقسيط.

(4) عدد الإقساط.

(5) المبلغ الإضافي للأقساط.



ه- بيان تفصيلي لحركة الحساب الجاري للمنشاة:

(1) تاريخ الحركة.

(2) نوع الحركة (مدينة – دائنة).

(3) قيمة الحركة.

(4) الرصيد (دائن – مدين).



و- بيان المؤمن عليهم التابعين للمنشأة:

ويشمل هذا البيان:

(1) الرقم التأميني للمؤمن عليه.

(2) تاريخ نهاية الخدمة إن وجدت.



4- قاعدة بيانات المؤمن عليهم:

وتشتمل علي بيانات تفصيلية عن كل مؤمن عليه تتضمن:

أ‌- البيانات الأساسية للمؤمن عليه:

(1) الرقم التأميني.

(2) الحالة التأمينية (مؤمن عليه – صاحب معاش .... إلخ).

(3) المهنة الحالية.



ب- بيانات الإشتراك:

(1) رقم المنشأة التي تتبعها مدة الإشتراك.

(2) قطاع مدة الإشتراك.

(3) تاريخ بداية كل مدة إشتراك بحسب نوعها (مدة فعلية – تجنيد إلزامي – إجازة خاصة .... إلخ).

(4) التدرج التفصيلي لأجور الإشتراك ويشمل (بداية الأجر – قيمته).

(5) تاريخ نهاية الإشتراك بالمنشأة إن وجد.



وتتعدد مدد اإشتراك بحسب المنشات المختلفة التي يكون للمؤمن عليه مدة إشتراك بها.



ج- بيانات الإستقطاعات: وتشمل:

(1) نوع الإستقطاع.

(2) قيمة القسط الشهري.

(3) قيمة الرصيد الحالي.

(4) تاريخ بداية التقسيط.

(5) طريقة تحديد قيمة القسط.

(6) قيمة الأقساط المؤجل سدادها.



د- بيانات العجز:

(1) تاريخ بداية العجز.

(2) سبب العجز ونوعه (إصابي – طبيعي – جزئي – كلي ...).

(3) نسبة العجز.

(4) تاريخ إعادة الفحص إن وجد.



ه- بيانات تفصيلية عن التعويضات المؤقتة:

(1) بطالة.

(2) مرض.

(3) إصابة.

تشمل كل منها عدد أيام صرف التعويض وقيمته وبدايته ونهايته ومصاريف الإنتقال إن وجدت ... إلخ



و- المستحقين للمعاش:

(1) الرقم التأميني للمستفيد.

(2) صلة القرابة.

(3) قيمة المعاش المستحق , المنصرف

(4) قيمة الدخل من عمل وتاريخ الإلتحاق.

(5) الحالة الإجتماعية وتاريخها.

(6) تاريخ الإيقاف وسببه.



ز- المعاشات الإخري للمستحق في المعاش:

(1) الرقم التأميني للمستحق عنه المعاش الأخر.

(2) صلة القرابة بالمستحق عنه المعاش الأخر.

(3) جهة الربط للمعاش الأخر.

(4) قيمة المعاش الأخر.

ح- بيانات المعاش للمؤمن عليه او صاحب المعاش:

(1) تاريخ الإستحقاق.

(2) سبب الإستحقاق.

(3) قيمة المعاش المستحق والمعاش المنصرف.

(4) القانون أو القطاع المستحق تبعا له المعاش.

(5) متوسط الأجر الذي حدد علي أساس المعاش.

(6) مدد الإشتراك ومعامل حساب كل منها.

(7) الزيادات التي أضيفت إلي قيمة المعاش وتشمل:

(أ) نوع الزيادة.

(ب) قيمتها.

(ج) تاريخ إستحقاقها.



ط- بيانات المبالغ المنصرفة دفعة واحدة:

(1) نوع الإستحقاق (تعويض دفعة واحدة – مدة زائدة – مكافأة ... إلخ)

(2) تاريخ الإستحقاق.

(3) قيمة الإستحقاق.

(4) متوسط الأجر والمدد بحسب معاملتها التي حددت علي أساسها المستحقات.



ي- بيانات العنوان:

وتشمل: المحافظة والمركز والشياخة والشارع ورقم العقار



ك- بيانات توزيع المبالغ المنصرفة دفعة واحدة:

(1) الرقم التأميني للمستفيد.

(2) صلة القرابة.

المصدر: محمد حامد الصياد .

الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

التقاعد المدني السعودي .....

س/ ما هي مدة الخدمة المحتسبة لغرض التقاعد المدني؟

ج/ مدة الخدمة المحتسبة لغرض التقاعد هي مدة الخدمة الفعلية التي قضيت على مرتبة في الميزانية للدولة أو ميزانيات الهيئات العامة كما تدخل مدة الإعارة والإجازة الدراسية بدون مرتب ضمن المدد المحتسبة لغرض التقاعد بعد توافر الشروط النظامية المنصوص عليها في أنظمة الخدمة وتوريد الحسميات التقاعديه المستحقة عنها .

س/ ما هي المدد المستبعدة من الاحتساب لغرض التقاعد المدني ؟

ج/ المدد المستبعدة من الاحتساب هي :
1- مدد الغياب بدون إجازة .
2- مدة الإجازة الاستثنائية وأية إجازة أخرى بدون مرتب عدا الإجازة المرضية والإجازة الدراسية.
3- مدة كف اليد إذا تقرر حرمان الموظف من راتبه عنها .
4- كسور الشهر في مجموع مدة الخدمة .
5-مدة الخدمة التي ينص أي من الأنظمة على عدم إحتسابها .
6-مدة شغل الوظيفة أو المرتبة بالمخالفة لأحكام النظام كالاستمرار في الخدمة المدنية بعد بلوغ السن المحددة للإحالة على التقاعد دون التمديد له وفق الضوابط النظامية.

س/ من هم المستحقون للمعاش التقاعدي المدني؟

ج/ يستحق الموظف المدني المعاش التقاعدي في الحالات التالية :
1- المحال للتقاعد لبلوغه سن الستين مهما تكن مدة خدمته بشرط ألا تقل عن سنة واحدة .
2- المتوفي والمفصول بسبب عجزة عن العمل بصورة قطعية بموجب تقرير صادر من الهيئة الطبية المختصة .
3- من انتهت خدمته ولديه خدمة لا تقل عن (25) خمسة وعشرين سنة مهما كان سبب إنهاء خدمته.
4- من انتهت خدمته بسبب إلغاء الوظيفة أو الفصل بقرار من مجلس الوزراء أو بأمر سام وبغير سبب تأديبي بشرط ألا تقل الخدمة عن ( 15 ) خمس عشرة سنة .
5- المحال على التقاعد بناء على طلبة ولدية خدمة محسوبة في التقاعد لا تقل مدتها عن ( 20 ) عشرين سنة كاملة بشرط موافقة جهة عملة .

س/ كيف تتم تسوية المعاش التقاعدي ؟

ج/ تسوية المعاش التقاعدي المدني تتم على النحو التالي :

1- يحسب المعاش على أساس جزء من أربعين جزءاً من آخر راتب عند نهاية الخدمة وفقاً للكيفية التالية :

الراتب الأساسي x مدة الخدمة بالأشهر ÷ 480 = المعاش التقاعدي المستحق .


2- تتم تسوية المعاش في حالة الوفاة أو العجز بغير سبب العمل على أساس تخصيص معاش تقاعدي يعادل 40% من أخر راتب أساسي كان يتقاضاه ما لم تكن تسوية المعاش حسب الطريقة المنصوص عليها في الفقرة السابقة تمنحه معاشاً أكبر .
3- تتم تسوية المعاش في حالة الوفاة أو العجز أثناء العمل وبسببه على أساس تخصيص معاش تقاعدي يعادل 80% من الراتب الأساسي الأخير ما لم تكن تسوية المعاش حسب الطريقة المنصوص عليها في الفقرة الأولى تمنحه معاشاً أكبر .

س/ ما هي حالات إيقاف المعاش التقاعدي ؟

ج/ حالات إيقاف استحقاق المعاش هي :
1- شغل إحدى المراتب في الميزانية العامة للدولة .
2- استحقاق معاش تقاعدي أكبر.
س/ كيف تتم تسوية المكافأة ؟

ج/ إذا انتهت خدمة الموظف المحتسبة لغرض التقاعد ولم تتوافر فيه أيُ من حالات استحقاق المعاش آنفة الذكر فأنة يستحق مكافأة لمرة واحدة تتم تسويتها على النحو التالي :

1- الخدمة التي تقل عن عشر سنوات : الراتب الأساسي الأخير x %10 x مدة الخدمة بالأشهر .

2- الخدمة التي لم تبلغ 25 سنة : الراتب الأساسي الأخير x %11 x مدة الخدمة بالأشهر.

3- الموظفات المستقيلات بسبب الزواج تسوى مكافآتهن على أساس الطريقة الثانية ولو قلت مدة الخدمة عن عشر سنوات بشرط إكمال سنة التجربة.

4- الخدمة التي تقل عن 15 سنة وانتهت بسبب إلغاء الوظيفة أو الفصل بقرار من مجلس الوزراء أو بأمر سامٍ بغير سبب تأديبي :

الراتب الأساسي الأخير x 14% x مدة الخدمة بالأشهر

س/ من هم المستفيدون عن صاحب المعاش ( الموظف المدني ) ؟

ج/ المستفيدون عن صاحب المعاش أو الموظف بعد الوفاة هم

1-الزوج أو الزوجة (حسب الحال) .
2-الابن .
3-البنت.
4-ابن الابن الذي توفي في حياة صاحب المعاش.
5-بنت الابن الذي توفي في حياة صاحب المعاش.
6-الأم.
7-الأب.
8-الجد.
9-الجدة.
10-الأخ.
11-الأخت.

علماً أنه فيما عدا الزوجة والابن والبنت فيشترط ثبوت كون الشخص معتمداً في إعالته على صاحب المعاش في حياته ويستمر الصرف للإناث ما لم يتوظفن أو يتزوجن ويستمر الصرف للذكور ما لم يشغل أحدهم وظيفة في ميزانية الدولة ، ويتوقف الصرف لهم عند بلوغ سن الواحدة والعشرين ما لم يكن المستفيد طالباً فيستمر الصرف حتى إكماله الدراسة أو بلوغ سن السادسة والعشرين أيهما أقرب ويستمر الصرف أيضا لمن كان منهم مريضاً عاجزاً عن الكسب حتى يزول العجز . كما أنه في حالة طلاق المستفيدة يعاد لها نصيبها في المعاش.

كما تمنح الأنثى المتزوجة وقت التخصيص نصيب من المعاش المخصص في حالة ترملها أو طلاقها.

س/ كيف يتم تخصيص المعاش للمستفيدين ؟

جـ/ يخصص للمستفيدين عن صاحب المعاش أو الموظف عند وفاته كامل المعاش إذا كان عددهم ثلاثة فأكثر فإذا كان عددهم اثنين يخصص لهما (75%) من المعاش أما إذا كان المستفيد واحداً يخصص له (50%) من المعاش وفي حالة تعدد المستفيدين يوزع المعاش بينهم بالتساوي وإذا أوقف أو سقط نصيب أحدهم فلا يؤول إلى باقي المستفيدين على أن لا يقل نصيب من بقى منهم عن (50%) من المعاش أو عن الحد الأدنى (1725 ريال).

السبت، 5 نوفمبر 2011

وجهة نظر موظف مخضرم حول فساد الإدارة الليبية

وجهة نظر موظف مخضرم حول فساد الإدارة الليبية
بقلم الحاج سالم عبد اللطيف/ متقاعد


المقدمات

بعد الإطلاع على التقرير القيم الذي أعده فريق الشفافية بعنوان "الثورة الإدارية، أساس الفساد الإداري في ليبيا" وبعد التمعن في بعض محتوياته أحسست أن التقرير ينقصه شئ ما ، ويحتاج إلى إضافات من داخل المعمعة، خاصة أنه اعتمد كثيرا على الأبحاث النظرية التى أعدها الأساتذة الأكاديميين المتخصصين والذين أجادوا في ما قدموه من معلومات وفي تحليلاتهم لها.

أحببت أن أقدم مداخلة على هذا التقرير من زاوية مختلفة تماما وهي الزاوية التي ينظر بها الموظف الإداري الذي يعمل في "حفرة" الإدارة الليبية، ويتعامل مع مظاهر الفساد بشكل يومي ويعاني منها "نفسيا" بصورة لا يتصورها إلا من له تجربة بالواقع المزري التي تمر به الإدارة الليبية منذ أربعة عقود تقريبا.

أتفق مع التقرير في أن الفساد الإداري هو جزء لا يتجزأ من الفساد السياسي والإقتصادي والإجتماعي ولكن الفساد الإداري هو ـ في تقديري ـ أخطر أنواع الفساد، فإذا قلنا أن الفساد السياسي هو أبو الفساد فإن الفساد الإداري هي أم الفساد في ليبيا.

وهنا نضع خطوط عديدة تحت ربطنا للفساد الإداري بالأم حيث أن التجربة الطويلة علمتنا أن فساد الإدارة في الدولة لها نفس الآثار السلبية المدمرة كفساد الأم في الأسرة والمجتمع، فحينما تفسد الإدارة في الدولة يفسد كل من الدولة والمجتمع.

ولنقدم تعريفا مبسطا للفساد الإداري الذي يلامسه الموظف العام في ليبيا. فهو يتمثل في كل تصرف غير قانوني أو تعقيد إجرائي غير ضروري أو كل خطأ مقصود يؤدي إلى أي قدر من الإنحراف عن المسار الصحيح لتحقيق الهدف الأكبر للإدارة في تقديم أفضل الخدمات للمواطن وبخاصة الخدمات الأساسية.

هذا التعريف يضح العربة أمام الحصان، ويجعل المسؤولية فردية وجماعية في آن واحد، فالكل مدير والكل مسؤول عن إدارته (من البواب والمباشر إلى السواق والقهوجي إلى المدير ونائبه إلى الأمين ونائبه وفي أي مستوى ثم في النهاية الماء يصب كله عند المدير الأكبر وهو الذي يلقب بالقائد ولا يمكن لأي أحد من هؤلاء أن يتهرب من هذه المسؤولية مهما كان موقعه تنفيذيا إو تشريعيا أو استشاريا أو ثوريا، ومن لا يستطع تحمل هذه المسؤولية عليه أن يبقي في ييته ولو كان قائدا لما يسمى بالثورة)

إذا تحقق الفساد في أي حلقة من حلقات هذه السلسلة ومن أي موظف وعلى أي مستوى فإن ذلك هو انعكاس حقيقي لتدني مستوى الأخلاق لدى ذلك الموظف ولدى مسؤوليه في المؤسسة التي يعمل بها، وهو أيضا انعكاس لهبوط مدى الكفاءة والنزاهة في إدارة تلك المؤسسة، خاصة إذا كان العمل الفاسد هو من النوع الذي يغلب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة . فذلك الموظف الفاسد هو مجرم حقيقي في حق الله و الوطن وأبناء الوطن وأجياله القادمة.

الأسباب

إذا أردنا أن نضع تعريفا خاصا بالحالة الليبية لظاهرة الفساد الإداري، فعلينا أن نستعمل مفردات واضحة ومستوحاة من واقع معايشتنا لتدهور الأوضاع (كلها) في البلاد منذ الأشهر الأولى للإنقلاب، وإن كان من الصعب تحديد مرحلة تاريخية معينة (كما فعل فريق الشفافية الذين اختاروا أن يرجعوا الفساد الإداري إلى خطاب زواره، وهو أمر فيه الكثير من الوجاهة ولكن فيه أيضا كثير من التبسيط(.

بدايات الفساد في الإدارة الليبية كانت لنفس الأسباب السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي مرت بها كل المجتمعات التي عاشت تحت وطأة الإستبداد والدكتاتورية. غير أن التطور السلبي التي شهدته الإدارة الليبية والسرعة التي تدهورت بها الأمور يعود في الأساس إلى عدم وجود نظام أصلا. أي أن ألفوضي السياسية والإقتصادية والتعليمية و و و كانت بالضرورة من أكبر العوامل في وجود وانتشار الفوضى الإدارية. فلم يكن هناك نظام عام في السياسة والإدارة والإجتماع والإقتصاد كان يمكن الرجوع إليه والتغذي منه لتصحيح بدايات الفساد في الإدارة الليبية، الأمر فوضى في كل شؤون البلاد منذ خطاب زوارة وهنا على أن أقر بأنني أتفق مع ما طرحه فريق الشفافية في تقريرهم عن الفساد الإداري وربطه بمرحلة زمنية معينة هي بداية "الثورة الإدارية" في خطاب زوارة اللعين. ولكن الأمر لم يتوقف عند المظاهر العامة التي يفرزها الفساد الإداري المتعارف عليها في التجارب المختلفة، الذي حدث في ليبيا هو انهيار كامل للنظام أي غياب كامل لدولة المؤسسات (الدستورية والسياسية والإقتصادية) ولعلي أذكر تلك الأيام التي عشناها في مكاتبنا ونحن نعيش تحت التهديد المستمر بالإقصاء والتهميش الوظيفي وأيضا للسجن والتعذيب بسبب كلمة تقال هنا أو وشاية من هناك أو ترددا في تنفيذ قرار من القرارات الثورية غير المدروسة والتي كنا نعلم مدى خطورتها على استقرار الدولة وتطور مؤسساتها.

الزحف الثوري .. استهدف الإدارة لأنها أهم وأضعف الحلقات

عقب إعلان (الثورة الإدارية) في خطاب زوارة اللعين وتوالت الشعارات الثورية التي تدعو إلى "الإدارة الشعبية" ومحاربة البيروقراطية، فطغت على الساحات شعارات "الإدارة الطلابية" ، و "الشركاء لا أجراء" و "الإدارة الذاتية" و "الجمهرة" واكتسحت الهجمة "الثورية" كل شئ في الدولة يمكن إدارته ليصبح مستهدفا من قبل "الزحف الثوري" الغاضب. فالزحف الذي استهدف الجهاز الإداري شمل كل القطاعات التنفيذية والمؤسسات التعليمية والصحية والشركات الإنتاجية بما فيها القطاعات الاستراتيجية كالنفط والمصارف.

النتائج الأولى التي ترتبت على "الثورة الإدارية" هو الإهمال .. إهمال الإدارة بكل جزيئاتها بحيث لم تعد هناك واجبات ومسؤوليات إدارية يمكن متباعتها وتقييمها ، فالموظف يدخل مكتبه وليس أمامه "خطة" لإنهاز مهامه الإدارية ، فقائمة الأعمال الإدارية المطلوبة غير متوفرة وهو لا يعلم أن تتجه إدارته، والمدير لم يعد قادرا على توجيه موظفيه ومتابعة نشاطهم الإداري حيث أصبحت الأمور في تغير مستمر وبدون خطة عامة يمكن متابعتها وتقييم من أهداف .. فكل يوم وظيفي هو يوم جديد .. يحدث فيه من التغييرات الإدارية ومن المفاجآت ما يعجز المرء عن وصفه ..

وما أن بدأت عمليات التصعيد الثوري تقتحم المؤسسات الإدارية حتى بدأت الإدارة الليبية في الإنهيار المتواصل وتحضرني عدة مواقف كانت في غاية الغرابة والاستهجان في البداية ولكن سرعان ما أصبحت معتادة بل متوقعة ..

فليس غريبا أن تدخل مكتبك لتجد أمامك منشورا "ثوريا" بتصعيد "شخص" غريب الشكل والمضمون ليكون مديرك .. ومأ أن تستفسر عنه حتى يتبين لك أنه لا يملك أي تجربة إدارية وخاصة في القطاع الذي تعمل فيه، بل جئي به من خارج الهيكل الوظيفي العام ولم تكن له أي وظيفة إدارية ولا علم له بطبيعة العمل الإداري في أي مؤسسة.

وليس غريبا أن تأتي في اليوم التالي لتجد أن "المدير الثوري" قد جلب معه عدد من الاشخاص الغرباء من أقربائه أو معارفه لكي يعينوه في "مهمته الثورية" وقام بتوزيعهم على أهم الوظائف في المؤسسة التي تعمل بها .. وقد تكتشف أنك فقدت وظيفتك وتم تحويلك إلى قاع السلم الإداري وفي مستوى وظيفي كنت أنت بدأت به منذ سنوات طويلة..

وليس غريبا أن تسمع بأن موظفا مخضرما من ذوي الخبرات الطويلة ومن العناصر المشهود لها بالنزاهة قم أقصائها وأخراجها من دائرة القيادات الإدارية وإجبارها على التقاعد المبكر أو الإحالة إلى مواقع نائية باسلوب تعسفي لا يمكن تبريره.

وليس غريبا أن تدعى لحضور اجتماع يديره "المدير الثوري" لتجد نفسك فيما يشبه المحاكمة للقيادات الإدارية التي كنت تعمل تحت إمرتها سنوات طويلة وكانت مثالا للكفاءة والمهنية والأخلاق العالية، وتسمع إلى صحيفة الإتهام التي اعتمدت على مواد ما عرف آنذاك بـ "التطهير الإدراي" وتكتشف أن الهدف الأساسي من تلك المحاكمة غير القانونية هو الضغط عليك وتهديدك وبقية الموظفين من أجل تمكين المدير الثوري المصعد من السيطرة على المؤسسة وفرضت إرادته وهيمنته وإحكام قبضته على العاملين في المؤسسة.

من نتائج ذلك المناخ القمعي وجد الموظف الوطني الليبي نفسه في مواجهة مستمرة مع الإستبداد والقمع والعنف الثوري في نفس المكتب الذي يعمل فيه، وخاصة في أيام المناسبات الثورية التي كانت لا تعد ولا تحصي، بل أن مسار اليوم الوظيفي كان في بعض الأحيان يتحول بدون مقدمات من مسار روتيني إلى مسيرة ثورية لمدة ساعات من الهيجان والصراخ والهمجية.

هذا المناخ الإداري الذي ساد في مؤسسات الإدرية الليبية لمدة سنوات أوجد حالة من العزلة بين الموظف وإدارة المؤسسة التي يعمل بها بل بين الموظف وزميله في المؤسسة، بل لم يعد الموظف المسؤول على عدد الموظفين قادرا على حسن إدارتهم ، فعندما يكون الموظف التي يعمل تحت إدارتك "ثوريا" وقد فرضت عليك ترقيته أكثر من مرة بدون أية مسوغات تنظيمية أو فنية، فكيف يمكنك تصحيح أخطائه أو معاقبته بسببها أو تنبيهه لتقصيره وتضييع وقت الإدارة وانعدام انتاجيته في عمله، بل أنك لا تستطيع أن تنصحه كمدير له، فالغياب المتكرر أو الخروج من المؤسسة بدون مبرر أو قلة الأدب في التعامل مع بقية الموظفين وغيرها من الأمور التي تحدث بشكل يومي وتأثر بشكل سلبي على سير العمل في الإدارة، كلها كانت تبرر بمنطق "الكذب الثوري" والاستعداد الكامل لـ "الوشاية الثورية" ضدك بل والإنتقام منك بـ "العنف الثوري" بحيث من السهل تصنيفك على أنك رجعي وغير ثوري وضد الثورة وغيرها من الأوصاف التي ترتب عليها في أحيان كثير فقدان عناصر إدارية كفؤة ومخلصة ونظيفة وذات خبرة إدارية رائعة.

لقد اجتمعت كل هذه الأسباب وغيرها لكي تصل بالجهاز الإداري إلى مستوى العجر الكامل عن أداء وضيفته الأساسية وهي تنفيذ السياسات العام في مختلف الأنشطة بهدف خدمة المجتمع وحل مشاكله الإقتصادية والاجتماعية والبيئية والتعليمية والصحية.

ختاما لابد من الإشارة إلى أن هناك أسباب ثانوية أخرى ساهمت في تفشي ظاهرة الفساد عموما وخاصة الفساد الإداري الذي نحن بصدد الحديث عنه، وفي المقالة التالية سأتناول نماذج لمظاهر الفساد الإداري من واقع المناخ الإداري الذي ذكرناه.

المظاهر

علينا أن نقر في البداية بأن مفهوم الفساد الإداري واسع جدا ويشمل كل إساءة لاستعمال السلطة العامة أو الوظيفة العامة بأي طريقة تهدف إلى الكسب الخاص بشكل غير مشروع وتحقيق أغراض شخصية مستندة إلى الوساطة والمحسوبية والعلاقات الأسرية والقبلية والاجتماعية كالصداقة والجيرة والنسبة..

هذا المفهوم لا زال ناقصا في الحالة الليبية التي تطورت وتعقدت بشكل غير مسبوق، ولذلك قد نكتشف أن التعريف المنطقي الذي يتناسب مع الحالة الليبية يجعل الغالبية الساحقة من المسؤولين والموظفين والعاملين في الإدارة العامة، وجميع من يتعامل مع الإدارة العامة يقع ضمن المشاركين في الفساد الإداري .. والإستثناء هنا لا يعتد به حيث نسبة الذين يرفضون المساهمة في هذه الجريمة قليلة جدا ولا تذكر..

فالفساد في الإدارة الليبية تجاوز كل العلاقات التقليدية إلى علاقات الجريمة المنظمة.

لم يعد الفساد الإداري مجرد وصف لسلبية البيروقراطية، ولم يعد الأمر محصورا في هدر الوقت العام، وضعف الإلتزام بأوقات الدوام الرسمية كعدم احترام أوقات ومواعيد العمل في الحضور والإنصراف، إو إضاعة الوقت في قراءة الجرائد واستقبال الأصدقاء في مكان العمل لشرب القهوة و "الشاهي" وأشياء أخرى، أو الغياب الكامل وعدم الحضور لمكان العمل بدون عذر أو الإمتناع عن أداء العمل أو التراخي والتكاسل فيه وعدم تحمل السؤولية بمبررات واهية كالمشاركة في المسيرات الثورية أو في الأجتماعات والأعمال الثورية الأخرى. بل أن جريمة الفساد الإداري في ليبيا تفشت في مفاصل الإدارة الليبية منذ مهزلة التدريب العسكري الإجباري للعمال والموظفين.

الأمر تجاوز مجرد استخدام قرطاسية الإدارة للإستعمال الشخصي أو استخدام الأجهزة والمعدات العامة وسيارة الإدارة لإنجاز الأعمال الخاصة، وإفشاء أسرار الوظيفة وما يحدث داخل المؤسسة العامة لكل من هب ودب..

لم تعد الرشوة محصورة في استلام الموظف دنانير قليلة لتحسين وضعه المادي مقابل انجازه معاملة إدارية قانونية يفترض أن يؤديها دون مقابل، ولم تعد الرشوة عبارة عن مكرمة أو هدية من مواطن ميسور الحال إلى الموظف بسبب سرعة وحسن أدائه وإعانة المواطن على قضاء حاجاته الإدارية، بل أن الرشوة أصبحة مقننة ولها تسعيرة معروفة وكل شئ بثمنه .. فلم تعد الدنانير المعدودة تقضي معاملة مالية في أي مؤسسة إدارية .. ولم تعد الرشوة أمرا يقرره الراشي وحسب استطاعته المالية بل أصبحت معاملة تجارية يتم الإتفاق عليها مسبقا ولها طقوس استلام وتسليم ينبغي على المواطن الذي يضطر لدفعها أن يتعلم تسعيرتها وطقوسها حتى يتمكن من (المساومة) أي التفاوض بشأنها مثلها مثل مساومته لشراء أي من حاجاته الضرورية من السوق..

لم يعد التزوير مجرد التوقيع في ملفات الحضور والغياب بالنيابة عن الزملاء الذين لم يحضروا لأداء أعمالهم، أو التزوير بالتوقيع على أوراق رسمية للحصول على الإعفاء من التجنيد أو إصدار أكثر من جواز سفر بأسماء مختلفة أو إصدارها بأسماء وهمية أو لأشخاص متوفين، بل أن الأمر وصل إلى آلاف الأشخاص يستلمون رواتب شهرية لسنوات طويلة وهم إما أطفال قصر أو موتى

لم يعد الأمر مجرد التساهل في عدم استيفاء الشروط عند تعيين موظفين جدد في الإدارة، أو تعيين الأقارب أو الأصدقاء في مناصب إدارية لا تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية ، بل الأمر تطور إلى تعيين أشخاص في مواقع إدارية محددة (يعرفون بالمغارف) من خلال خطة معدة مسبقة لكي تتمكن المجموعة المنظمة عبر (المغارف) لتمرير عقود مخالفة للقوانين أو التلاعب بالنظم القانونية والإدارية من أجل اختلاس أكبر كمية من الأموال في شكل عمولات وهبات يشترك فيها عدد من الأشخاص المتورطين في المجموعة المنظمة التي تشرف على تلك الجريمة.

لم يعد الأمر مجرد عرقلة بعض الإجراءات أو المعاملات الإدارية بسبب التكاسل أو الإهمال أو عدم الكفاءة، ولكن الفساد الإداري والإنحراف الأخلاقي وصل بكبار الموظفين إلى عرقلة مشاريع عامة تقدر بملايين الدولارات بهدف الإبتزاز والحصول على رشاوي كبيرة من الشركات المنفذة، ناهيك عن بيع أملاك وأراضي الدولة لتحقيق أغراض شخصية بأثمان زهيدة.

لم يعد الفساد مجرد انتهاك الموظف للقانون دون قصد سئ بسبب الإهمال واللامبالاة، أو استلام معدات أو أجهزة بمواصفات غير مطابقة لنص العقد، بل تطور الأمر إلى سرقة قيمة عقد انشاء مقر حكومي ثم سرقة أموال صيانته لسنوات قبل أن الإنتهاء من بنائه.

لم يعد الفساد الإداري مجرد مخالفات للنظم الإدارية والوظيفية تصدر عن موظف يعمل في بلدية أو إدارة فرعية، بل الأمر وصل إلى انتهاك التشريعات والقوانين من قبل قيادات ومدراء إدارات وأمناء أمانات وشعبيات على مستوى أهم القطاعات كالنفط والتعليم والصحة والأقتصاد والخدمات.

مظاهر الفساد والإنحراف في الإدارة الليبية تشمل انتهاك لنظم المالية التي تحكم سير النشاط الإداري في مؤسسات الدولة، ويبرز ذلك في الإنفاق المبالغ فيه على الأثاث والمعدات غير الضرورية ، وكذلك رفع القيادات لرواتبهم وأجور العاملين معهم ومرافقيهم من دون حاجة حقيقية، فضلا عن استخدام السيارات الحكومية بسائقيها في الأغراض الشخصية جدا كوسائل نقل للأولد للمدارس الخاصة والأسواق وأماكن الترفيه والشواطئ ناهيك عن استعمال العناصر الإجنبية كالخدم وغيرهم من ذوي الكلفة العالية .

هذه بعض المظاهر التي تترسخ في الذهن عند الحديث عن الفساد الإداري في المؤسسات الحكومة من خلال مشاهدة وتجربة شخصية لسنوات طويلة جدا.

الآثار الفاسدة

الآثار الفاسدة المترتبة على الفساد الإداري سيئة وكثيرة جدا وانعكاساتها مدمرة لمقومات الحياة العملية في الإدارة الليبية، فآثار الفساد والتخريب للإدارة العامة مدمرة ليس على المستوى الاقتصادي والمالي فحسب، بل في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، ناهيك عن التدهور الخطير في مؤسسات ودوائر الخدمات العامة المتصلة بحياة المواطنين.

فليس لأحد أن ينفي جملة النتائج السلبية التي كانت سببا مباشرا لدمار الإدارة الليبية ، فضياع الاموال والثروات ، وضياع الوقت الثمين ، والطاقات النادرة وعرقلة مسيرة تطور الإداء الحكومي وإنجاز الوظائف والخدمات العامة كلها من أثار الفساد الإدارة الليبية بدون منازع.

ارتبط الفساد أيضا بسوء حالة توزيع الدخل والثروة، وكان ذلك واضحا من خلال ألإثراء الفاحش لفئة المستغلين من أصحاب النفوذ لمواقعهم المميزة من السلطة الحاكمة ، وقد استأثروا بالجانب الاكبر من المنافع الأٌقتصادية وخاصة في زمن ما يسمى بالحصار، بالإظافة إلى قدرتهم على تراكم الثروة بصفة مستمرة في زمن الإنفتاح مما أدى إلى توسيع الهوة بين هذه الفئة الفاسدة وبين بقين فئات الشعب الليبي.

أما على مستوى برامج التنمية المستدامة فإن الفساد الإداري هو السبب الرئيسي وراء تحول معظم الأموال المخصصة لبرامج التنمية لمصلحة أشخاص معينين من خلال استغلال مراكزهم من مركز السلطة والثروة (القائد وأبنائه) أو الصلاحيات المخولة لهم بدون أية مبررات منطقية أو قانونية اللهم إلا أنهم من المقربين من مركز السلطة والثروة..

كل ذلك أدى إلى عرقلة مشاريع التنمية وانعكس ذلك على كل مجالات الحياة بما فيها الخسارة الكبيرة للثروة الوطنية وإهدار الوقت وضياع فرص نادرة للتقدم والنمو والإزدهار.

على الجانب الإقتصادي فقد تدنت كفاءة الإقتصاد الوطني وضعف النمو الإقتصادي بشكل كبير، ومن المعروف أن النشاط الإقتصادي مرهون بفساد الإدارة، وإذا ما تفشى الفساد الإداري في أي منشأة أقتصادية، فإن ذلك نذير بإفلاس تلك المنشأة وانهيارها، فما بالك بدولة اقتصادها ريعي ويعتمد بشكل سافر على منتج واحد وهو النفط وذلك ما يسهل كل أنواع الأختلاسات والرشاوي وهو أيضا يعود إلى فساد الإدارة العامة.

فمن الظواهر التي انتشرت في الإدارات العامة، تفاقم الغش والتدليس في الدراسات الاقتصادية الدورية، وهي دراسات ضروروية قبل الإقدام على أي مشروع تربوي أو تعليمي أو أقتصادي أو تنموي. تلك الدراسات عادة ما تسند إلى عناصر تفتقد إلى الإخلاص والنزاهة والكفاءة وبالتالي جاءت خلاصاتها منافية للواقع وبنيت عليها مشاريع فاشلة منذ بدايتها مما أدى إلى انهيار المؤسسة العامة.

على الجانب الآخر تفشت بسبب الفساد الإداري ظاهرة عدم اتقان العمل، فأهملت معايير الجودة في الإنتاج ، وتم تجاهل العيوب البارزة في السلع والخدمات المنتجة، وبذلك تشوهت صورة المنتج الوطني وبالتالي كان من المستحيل أن يتمكن المنتج المحلي من منافسة أي منتج مستورد من الخارج بما فيها المنتجات التي تستورد من دول عربية أفقر من ليبيا. هذا وقد أثبتت الدراسات كما نبه العديد من الخبراء الوطنيين إلى أن هناك علاقة عكسية بين الفساد الإداري والقدرة التنافسية للاقتصاد الوطني بشكل عام.

أما بالنسبة للإستثمار العام فإن الفساد الإداري هو أحد العوامل الرئيسية لتدنى كفاءة الإستثمار العام وإضعاف الجودة في البنية التحتية العامة التي تحد بالطبع من الموارد المخصصة للإستثمار وتسيئ توجيهها أو تزيد من كلفتها.

حجم ونوعية الإستثمار الأجنبي أيضا يتأثر سلبا وأيجابا بأوضاع الإدارة العامة، ففي الوقت التي تسعى فيه كل البلدان وخاصة النامية إلى استقطاب موارد الإستثمار الأجنبي وخاصة في حالتنا التي نحتاج فيها إلى خبرات ومهارات المؤسسات الإستثمارية الأجنبية ، فإن الفساد الذي تفشي في الإدارة الليبية لا يصعب إخفاؤه على المستثمر الأجنبي صاحب الخبرة مع إدارات الدول النامية وبالتالي قوبلت محاولات الإستقطاب للموارد والخبرات الأجنبية بالتردد والتريث بل في بعض الأحيان التعطل الكامل مما أدى في بعض القطاعات (النفط مثلا) إلى تدني وتراجع مؤشرات التطوير والتحديث التقني لصناعة النفط الخام في ليبيا.

هذه الآثار السلبية أدت إلى أضرار كثيرة على عدالة النظام القانوني ونزاهة القضاء وكفاءة الأمن العام بل إلى انهيار الوضع الاجتماعي والثقافي في المجتمع.

من جهة أخرى تفشت ظاهرة انتشار اليأس وفقدان الشعور بالمسؤولية تجاه مصلحة الوطن بين المواطنين وانتشار حالة الإحباط والإتكال التي انعكست بدورها على الإبداع والإبتكار والتطوير.

الكلفة النهائية للمعاملات والسلع والخدمات العامة أصبحت أعلي من قدرة المواطن الشرائية فمن جهة ارتفعت الكلفة النهائية ومن جهة تردت جودة السلع والخدمات المقدمة، لا سيما أن دخل المواطن زاد في التدهور في ظل القانون رقم 15 سئ الذكر.

على مستوى مشاريع الدولة الكبرى فإن المصاب أكبر حيث تظهر في الواجهة وعلى الورق وفي نشرات الأخبار الدعائية بأنها مشاريع كبيرة وناجحة وذات فوائد جمة، إلا أن واقع الحال يعكس غير ذلك تماما، وما أن مرت سنوات حتى تبين أن جل المشاريع الزراعية والأٌقتصادية والتنموية والصناعية باءت بالفشل الذريع والخسارة الفادحة دون أن تقم الإدارة العامة بدراسة الأسباب وراء ذلك الفشل في كل المشاريع الكبرى. وبعد سنوات عديدة من اختفاء أخبار تلك المشاريع من صفحات الجرائد الخضراء والنشرات المسائية الدعائية تبين أن أغلبها قد أعد من قبل شريحة المنتفعين الذي حققوا ما يريدوه من منافع ومصالح على حساب المصلحة العامة، بل الأدهي من ذلك أن تلك الشريحة سعت بكل جدية لفشل تلك المشاريع حيث في فشلها تمكنت من أخفاء جرائمها في الإختلاسات والرشاوي والغش في الدراسات الإقتصادية التي بنت عليها تلك المشاريع، وكانت تلك الشريحة هو الرابح الوحيد من تلك الخسارة الفادحة للمشاريع الوطنية.

فقد برهنت الدراسات وأثبتت التجارب أن الفساد الداري يقلل من حجم هذه الستثمارات ويضعف من جودتا ف بناء وتعزيز القتصاد الوطن، بل انه قد يقود إل جعلها عبأ كبيا على موارد الدولة، بالضافة إل عزوف الستثمر الجنب عن الستثمار بسبب توفه من أضرار الفساد باستثماره.

المعالجات والخلاصات

الحاج سالم عبد اللطيف (متقاعد): قد لا نختلف عن مدى تفشي الفساد في الإدارة الليبية ولكن حتما سنختلف عن كيفية معالجة هذا الأمر ، فمنا من لا يتصور أن هناك ضرورة للتصدي للفساد في ظل النظام السياسي القائم، ومنا من يتصور أن مصيبة الفساد تحتاج إلى من يتصداها بغض النظر عن النظام السياسي الحاكم..

ولكن دعونا نتفق على أن هناك حاجة ماسة لترسيخ ثقافة النزاهة والشفافية في الدولة والمجتمع اللتان تعدان الضمان الحقيقي لبناء اقتصاد وطني تنموي تزدهر في ظله الحياة في المجتمع الليبي ويكون المستفيد الأكبر هو المواطن الليبي بغض النظر عن من يحكمه، فالأيام دول .. وحكام اليوم سيذهبون كما ذهب غيرهم في ذاكرة التاريخ ويبقى الوطن للأجيال القادمة ..

دعونا أيضا نتفق على أن المسؤولية تقع على عاتق جميع المواطنين ، وكفانا انتظارا لما ستقوم به أجهزة الدولة خاصة أن رموز الدولة والنظام هم من المستفيدين من تفشي ظاهرة الفساد ولا يهمهم مستقبل البلاد بعد أن ظمنوا مستقبل أولادهم وأولاد أولادهم لعدة أجيال حيث أن مجموع ما سرقوه وما هم مقدمون على سرقته من المال العام يكفي لعشرات السنين ويمكنهم التعايش مع أي نظام سياسي قادم .. بل لعل أكثرهم أعد العدة وجهاز كل أموره للخروج من البلاد والعيش في الخارج لينعم هو وأولاده وأسرهم بالأموال التي سرقوها من قوت الشعب الليبي المسكين..

وحيث أن المشكلة الرئيسية التي ستواجه أي برنامج للتصدي للفساد هو غياب الحد الأدني من ثقافة وسلوكيات النزاهة والشفافية في الدولة والمجتمع، لذلك ينبغي في البداية أن يرافق نشاط أجهزة النظام التي تريد أن تتصدى للفساد شفافية عالية جدا لتمكن المواطنين ومنظمات المجتمع الأهلي الذين يرغبون في المساهمة في هذه المهمة الوطنية من الإطلاع على الحقائق المتضمنة في ملفات الفساد المالي والإداري والمتعلقة برموز الفساد في الدولة لكي يتسنى مساءلتهم ومحاسبتهم.

إن العلاقة بين الشفافية والفساد هي علاقة تعاكسية فكلما نضجت وسائل الشفافية وأخذت دورها في كافة المجالات، كلما ارتفعت إمكانية محاربة الفساد والحد من آثاره المدمرة.

الفساد والمفسدون يستمدون قوتهم من الغموض والسرية وعدم الوضوح بمسائل الإدارة العامة وبإدارة المال العام في مؤسسات الدولة وأجهزة النظام.

هذه جملة من المقترحات التي أرى من تجربتي أنها ضرورية لمواجهة الفساد ومعالجة آثاره السيئة:

1_ البداية تكمن في إزالة المعوقات السياسية والقانونية المعرقلة لعملية محاسبة المشبوهين والمتورطين والمتهمين بممارسة الفساد الداري ، والذين يعتبرون رموزا للفساد.

2_ إصدار جملة من القرارات لتمييز حركة رموز الفساد في مؤسسات الدولة ومن ثم يمكن مراقبتهم وعزل ملفاتهم لمراجعتها وتقييم المخالفات المالية والإدارية التي ساهموا فيها، وتقديم من يثتبت تورطه في ممارسة الفساد إلى القضاء المستقل مع ضمانة نزاهة الإجراءات القضائية والقانونية عند مقاضاتهم.

3_ إصدار جملة من القرارات السيادية التي تفرض على موظفي الدولة الكبار من تقديم "إقرارات الشفافية" الخاصة بهم، وتقديم ما لديهم من معلومات متعلقة بعمليات مشبوهة في تشكل جزء من شبكة الفساد الإداري في الدولة.

4_ تشديد العقوبات المفروضة على مرتكبي جرائم الفساد الإداري لبعث رسالة واضحة من أن القيادة السياسة جادة في التصدي للفساد ومحاربته، وبالتالي يمكن تصبح تلك الحالات كأمثلة على وجود منظومة ردع في القطاعين الخاص والعام ترهيبا لكل من تسول له نفسه الإنزلاق في مطب الفساد.

5_ ضرورة رفع أجور ومرتبات العاملي في مؤسسات الدولة حتى يتمكن الموظف العام من توفير الحد الأدني من العيش الكريم وبالتالي لا يكون مضطرا إلى الإنزلاق إلى ممارسة الرشوة والأختلاس للمال العام.

6_ استقطاب العناصر الكفؤة والنظيفة من الكوادر المؤهلة في القطاع الخاص للعمل في مؤسسات الدولة بمرتبات مغرية وتنافسية مع الشركات الأجنبية ليتولوا إدارة المؤسسات والإدارات العامة، وبالتالي يتم التخلص من العناصر الفاسدة والمشبوهة في مؤسسات الدولة.

7_ البدء الفوري في وضع الأسس العملية لتبني أساليب الحكومة الألكترونية ـ بدء من مسائل المعاملات اليومية ـ لتضييق الهامش الذي يتحرك فيه الفاسدون والتقليل من احتكاك المواطن بالموظف العام وما قد يترتب عليه من إغراءات بتسهيل المعاملات والإجراءات مقابل الرشوة. فتبني وسائل تقنية عالية هي الضمان لتفعيل الأنظمة الحديثة ف حماية المال العام .

8_ إصلاح نظام المصارف الحكومية والسيطرة عليها لمنع سراق المال العام من الإستفادة من تلك المصارف للقيام يعمليات غسل الأموال وتهريبها بشكل قانوني.

9_ وضع سياسة إدارية عامة تقتضي بتدوير الموظفين والمسؤولين بشكل مستمر وخاصة الذين يعملون في مجالات حساسة كجهاز الرقابة وإداراة الضرائب لضمان منع إمكانية بناء بؤر فساد في شكل مجموعات منظمة يكون من الصعب القضاء عليها بعد تمكنها في نسيج الهيكل الإداري في تلك الأجهزة الحساسة. إن بقاء المسؤول الإداري في هذه الأجهزة فترة طويلة في موقعه يزيد من إمكانية تفشي الفساد ويقود إلى بناء شبكات الفساد الإداري التي تصبح بمثابة السرطان في جسد مؤسسات الدولة.

10_ تفعيل دور الأجهزة الرقابية والمحاسبية وتخويلها صلاحيات حقيقية وواسعة للقيام بعملية مسح للمؤسسات الإدارية وتقييمها من ناحية مدى ارتباطها بممارسات الفساد المالي والإداري. ومن أهم أعمالها بعد المرحلة الإبتدائية وضع أسس عملية للإستعلام المباشر والسريع وبشك دوري عن مصادر الثروة لدى كل المسؤولين لضمان عدم تكدس الاموال المحصلة من ممارسات غير قانونية.

11_ الحد من أسباب البيروقراطية الإدارية، والحد من الروتين الإداري في تسيير الاعمال والمعاملات وقضاء مصالح المواطنين، بحيث لا يلجأ المواطن ألى أساليب ملتوية لإنهاء معاملاته مع مؤسسات الدولة وتسيير أموره الخاصة وقضاء مصالحه المشروعة.

12_ وضع خطة وطنية عامة (سياسيا وإداريا وإعلاميا وتربويا ) للقيام بحملة توعية للمواطنين وتعريفهم بحقوقهم على الدولة وواجباتهم تجاه بلادهم فيما يتعلق بالفساد وخطورته على الإقتصاد الوطني ، ومن ثم توجيههم لإعانة مؤسسات الرقابة والمحاسبية والقضاء في محاصرة الفساد والمفسدين في الدولة وفي القطاع الخاص.

13_ إتخاذ إجراءات عملية لإشراك مؤسسات المجمتع المدني والمنظمات الأهلية والحقوقية في الحرب على الفساد وعمليات الإصلاح الإدراي كجزء من الإصلاح الشامل في الدولة.

14_ الإنفتاح على جهود وتجارب الدول التي خاضت تجربة التصدي للفساد والقضاء عليه أو الحد من تغوله في الدولة والمجتمع.

15_ عقد الأتفاقيات الدولية مع الدول ذات العلاقة بحيث يمكن منع مرتكبي جرائم الفساد في البلاد من توظيفها لتهريب الأموال وغسلها، أو للهجرة إليها ، وبالتالي يمكن استرجاع الأموال المهربة والمنهوبة من خزينة الدولة بالإظافة إلى إمكانية استرجاع الأشخاص أنفسهم لمقاضاتهم أمام القضاء الليبي المستقل.

وفي الختام .. يمكننا استخلاص جملة من الخلاصات منها ..

أن ممارسة الفساد عموما لا يمكن حصرها في سلوك غير قانوني من قبل أشخاص يعطون الأولوية لمصالحهم الخاصة قبل مصالح الوطن والمواطن، بل الفساد هو مرض عضال وظاهرة خطيرة تقود إلى انهيار الدول والمجتمعات، ولو استقبلنا من أمورنا ما استدبرنا لاخترنا أن نبقى على حالنا الذي كنا فيه نشتكي من البيروقراطية والروتين الإداري في الحكومة الملكية بدلا من مأساة الأربعة عقود من العنف الثوري والثورة المستمرة والتي أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه من فساد غير مسبوق في المجتمع الليبي.

إن الفساد الإداري هو البذرة الفاسدة التي نتجت عن زواج غير شرعي بين "الثورة الإدارية" و "الاستبداد السياسي" وبالتالي إذا وصف أحد تقارير الشفافية الفساد السياسي بـأنه "أبوالفساد" فإن الفساد الإداري ـ في تقديري ـ هو "أم الفساد" الذي أنجب كل أنواع الفساد الأخرى (المالي والإقتصادي والتعليمي والإعلامي والثقافي والإجتماعي) التي تفشت في جميع مجالات الحياة في المجتمع.

إن الإدارة العامة في ليبيا مؤبوة بالفساد والقوانين والأنظمة التي أوجدتها وخولتها كل الصلاحيات جاءت بسبب فساد القيادة السياسية وبالتالي ينبغي محاسبة الإدارة العامة والقيادة السياسية معا قبل الوصول إلى المفسدين في الدولة.

أن من أهم أساليب التصدي للفساد هو إعادة النظر في النظام السياسي والنظام الإداري القائم وإجراء عملية مراجعة شاملة لأنظمة الإدارة بهدف استحداث تنظيمات إدارية جديدة وإصدار النظم القانونية واللوائح اللازمة لذلك.

وكان الله في عون الوطن

مايو 2010

تريليون دولار استثمارات الأصول البديلة لصناديق التقاعد

تريليون دولار استثمارات الأصول البديلة لصناديق التقاعد

ارتفعت الأصول الاستثمارية البديلة التي تدار بالنيابة عن صناديق التقاعد من قبل مديري أكبر الشركات في العالم بنحو 16 ٪ في عام 2010 لتبلغ نحو تريليون دولار من 817 مليار خلال عام 2009 وفقاً لأبحاث عالمية قامت بها شركة تاورز واتسون بالتعاون مع صحيفة الفاينانشال تايمز. إن مجموع الأصول المدارة من قبل هؤلاء المديرين قد ارتفع في نفس الوقت بنسبة 12 ٪ لتصل إلى 1.904 مليار دولار ، ويظهر البحث أن نصف أصولهم الحالية تتكون من أصول صناديق المعاشات التقاعدية. وغطى المسح العالمي للبدائل خمس فئات من الأصول البديلة: العقارات وصناديق الاستثمار الخاص وصناديق التحوط والبنية التحتية والسلع، ويتضمن المسح تصنيف كبار المديرين في كل فئة.

تنويع الاستثمارات

وقال كريغ بيكر، الرئيس العالمي للأبحاث في تاورز واتسون للاستثمار: تستمر المؤسسات الاستثمارية في تنويع استثماراتها من خلال مجموعة كاملة من الأصول البديلة، خاصة مع وضوح منافع التنويع وسهولة الاستثمار في فئات معينة من الأصول، إن هذا الاتجاه بعيداً عن الأسهم التي تركز على الاستثمار في حصص رأس المال الثابتة يلاقي اقبالا من المستثمرين الذين يعترفون بالمخاطر المرتبطة بالاستثمار في الأصول الثابتة، ولا سيما في ضوء عدم الاستقرار الاقتصادي المستمر، وتظهرأبحاثنا في الواقع، استمرار ارتفاع مخصصات الأصول البديلة والتي تشكل الآن 19 ٪ من مجموع موجودات صندوق التقاعد في العالم، ارتفاعاً من 5 ٪ منذ خمسة عشر عاماً ".

هيمنة كبيرة

وقد بيَّن تحليل لأهم 100 مدير من مديري بدائل الاستثمار هيمنة مديري العقارات بما يمثل حوالي 55% من الأصول مقابل 52% خلال عام 2009 تبعهم مديرو صناديق الاستثمار الخاص بنسبة 18% مقابل 21% خلال عام 2009 ثم مديرو صناديق التحوط بنسبة 12% (انخفاض من 13% خلال عام 2009) تبعهم مديرو استثمارات البنية التحتية بنسبة 12 ٪ محافظة على نفس المعدل خلال عام 2009 ثم اخيراً مديرو الاستثمار في السلع وبنسبة 3 ٪ مقابل 2 ٪ خلال عام 2009.

ووفقاً للبحث فقد تضاعفت الأصول العقارية المستثمرة من قبل صناديق المعاشات التقاعدية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في عام 2010، وتشكل الآن 14 ٪ من مجموع الاستثمارات، بينما يتم استثمار معظم الباقي في أوروبا 35 ٪ وأميركا الشمالية بنحو46 ٪ .

نمو الأصول

وقال بيكر: خلال عام 2010، جددت صناديق التقاعد اهتمامها في القطاع العقاري الذي حقق، جنباً إلى جنب مع نمو الأصول، زيادة نسبتها 21 ٪.، وتمكن مديرو البنية التحتية والسلع من تحقيق زيادة كبيرة في أصولهم تحت إدارة صندوق التقاعد خلال العام الماضي، مع اقبال المستثمرين على الاستثمار باطمئنان في هذه الفئات من الأصول، في حين ضاعف تقريباً مديرو السلع أصول المعاشات التقاعدية التي يديرونها خلال العام الماضي حيث يتم تطوير أساليب مناسبة ومتنوعة للتحوط ضد التضخم. وفي حين أن المخاوف مازالت مستمرة فيما يختص باقتراح الصافي من الرسوم بالنسبة للاستثمارات في البنية التحتية، فقد تمكن مديرو صناديق المعاشات التقاعدية من تنمية تلك الأصول بنحو الربع خلال العام الماضي".

تحول ملحوظ

و تظهر بيانات المسح الموسع أنه مع نهاية عام 2010، تمكن أهم 50 مديرا في قطاعات العقارات و صناديق الاستثمار الخاص وصناديق التحوط من إدارة أصول قيمتها 532 مليار دولار ارتفاعاً من 439 مليارا خلال عام 2009 و209 مليار دولار ارتفاعا من 187 مليار دولار خلال عام 2009 و 150مليار دولار ارتفاعا من 127مليار دولار خلال عام 2009 على التوالي، بينما يدير حالياً أهم 20 مديرا في فئات البنية التحتية والسلع أصولا بقيمة 128 مليار دولار ارتفاعاً من 109 مليارات دولار خلال عام 2009 و44 مليار دولار ارتفاعاً من 28 ملياردولار خلال عام 2009 من أصول صناديق المعاشات التقاعدية على التوالي.

وأوضح بيكر: بالنسبة إلى صناديق التحوط والاستثمارات في الأسهم الخاصة، نحن نثق في قدرة المديرين لما يمتلكون من مهارات عالية على التكيّف مع ظروف السوق المتغيرة والمتقلبة على نحو متزايد لتحقيق أداء جيد، حيث نتوقع مواصلة كبار المستثمرين على استثمار المزيد من رؤوس الأموال في استثمارات مباشرة، بينما يواصل صغار المستثمرين في صناديق التحوط في البحث عن تمويل أكثر ملاءمة من حيث الترتيبات، في حين يتخوفون من اقتراح الصافي من بين الرسوم فيما يتعلق بالأسهم الخاصة، بالإضافة إلى ذلك فإننا نشهد أيضا اهتماماً أكبر في فرص بيتا البديلة والجديدة لتحسين كفاءة الاستثمار التي أصبحت الآن متاحة على نطاق أوسع .

الأصول البديلة

وبحسب البحث الموسع، يتم استثمار 46 ٪ مقارنة بـ51 ٪ خلال العام 2009 من الأصول البديلة بالنيابة عن صناديق المعاشات التقاعدية في أمريكا الشمالية ، بينما يتم استثمار 37 ٪ مقارنة بنحو 35 ٪ خلال العام 2009 في أوروبا و13 ٪ و9 ٪ خلال العام 2009 في آسيا والمحيط الهادئ، أما من حيث المسكن فيقيم 50 ٪ من المديرين الأوروبيين في المملكة المتحدة، و24 ٪ في سويسرا و12 ٪ في فرنسا، وتمثلت منطقة آسيا والمحيط الهادئ في الدراسة بنسبة 34 مديراً من استراليا وهونغ كونغ والهند واليابان ونيوزيلندا وسنغافورة. أما فيما يتعلق بالمديرين في أمريكا الشمالية المشمولين في الدراسة، فيقطن غالبيتهم(88 ٪) في الولايات المتحدة، كما هناك أيضاً اثنان من المديرين الذين يقيمون في جنوب أفريقيا. ولقد تم اختبار التنوع مؤخراً، حيث إن هؤلاء المستثمرين الذين نوعوا استثماراتهم بعيداً عن الأسهم كأحد عوامل نمو أصولهم الرئيسية خلال السنوات الخمس الماضية حققوا أداء أفضل بشكل عام مقارنة بالذين لم يفعلوا ذلك، ونظراً لاستمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي، من المرجح أن يصبح التنوع أكثر أهمية في المستقبل حيث يتطلب ذلك في بعض الحالات درجة عالية من الحوكمة، ونحن نعتقد أن الجهود الرامية إلى التنوع جديرة بالاهتمام، في حين يجب أن لا ننسى أن عدداً متزايداً من قلة الحوكمة يؤدي إلى التنوع في السوق".