الاثنين، 12 سبتمبر 2011

لاستاذ إبراهيم الفقيه حسن - الاب الروحي لصندوق الضمان الاجتماعي الليبي


إبراهيم الفقيه حسن
بوخزام العـناني
أستدعى العقيد معمر القذافي الأستاذ ابراهيم الفقيه حسن رحمه الله ، وخلال هذا اللقاء أبلغ العقيد الأستاذ ابراهيم بأنه سيكلفه بمهمة الأهتمام بالفقراء في ليبيا .. فرد الاستاذ ابراهيم على الفور وبكل تلقائية قائلا : " أن الليبين جميعهم فقراء وأنا واحد منهم أنا ذاتي فقير .. فلابد أن نهتم بكل الليبيين لانهم جميعهم فقراء".. لم يعلق العقيد على كلام ألأستاذ ابراهيم وانتهت الجلسة بعد ذلك ولم يتم التكليف بالمهمة ، وربما كان ذلك اللقاء ألاخير الذي جمع بين العقيد القذافي والأستاذ ابراهيم الفقيه حسن الذي انتقل الى جوار ربه قبل أيام قليله .. ربما كان هذا مسك الختام في عمل الاستاذ ابراهيم الوطني صاحب السجل الملئ بالأعمال الوطنية الكبيرة المثمرة والبنّّاءة..
الأستاذ ابراهيم الفقيه حسن ينتمي الى فئة من رجال خلقوا ليكونوا عمادا لوطن وركائزا لأمة .. يتجشمون هم الوطن ويعيشون له .. يمتطون مشقة البناء والإعمار .. يستعذبون عذابات الإنتاج.. ويستطعمون بهمة وتبات أكدار العمل الدؤب بانكار للذات وبعيدا عن الاضواء .. ينكبون على مكاتبهم من البكورالى نهاية ساعات الدوام الرسمي.. ويعودون في المساء متطوعين حتى ساعة متأخرة من الليل .. يعملون الفكر يبحثون ويخططون بعلمية ومهنية همهم الاثقان وحسن الاداء.. وهدفهم صالح الوطن ومصلحة المواطن الفرد.. هكذا كان بعض من الليبين الذين تسلموا مهمة ادارة الدوله صبيحة الاستقلال .. كان يستحقرون عملهم ومايقومون به فيزيدهم هذا الشعور تفانيا واخلاصا في العمل ..وتألقا في الأداء والانتاج .. وسعيا لتلافي ما قد يبدوا لهم من قصور طامحين الى الأحسن والأجود باصرار وارادة فدة ..
عندما يذكر ابراهيم الفقي حسن يذكر التامين الاجتماعي ذلك الصرح العظيم الذي شيده هذا الرجل وابدع فيه ايما ابداع تنظيما وادارة.. تخطيطا وتنفيذا .. تنظيرا وتطبيقا .
المؤسسة الوطنية للتأمين ألاجتماعي التي عمت فروعها وعياداتها ومستوصفاتها معظم انحاء ليبيا- كانت نمودجا جد متقدم في التنظيم الادارة والتخطيط ، ليس في ليبيا فحسب بل في جميع بلدان جنوب المتوسط وبشهادة خبراء منظمة الأمم المتحدة . انتهج المرحوم ابراهيم الفقيه حسن سياسة علمية منهجية رائده في ادارة المؤسسة الوطنية للتأمين الاجتماعي نحاول تلخيصها فيما يلي :
حاول أن يطور مؤسسة التامين التي تركتها الادارة الايطالية.. مستفيدا من كوادرها ومنتهجا سياسة لتدريب الكوادر الوطنية حتى أحل كوادر وطنية مؤهلة وقادرة في فترة زمنية معقولة محل العناصر الأجنبية.. واستمرت سياسة التدريب والتأهيل والتأطير حتى تكوًٌٍَِّْْن جهاز اداري وفني كان نمودجا رائعا لجهاز في حكومة دولة متحضرة كفأة وأداءا واقتدارا. وساعد على تطوير جهاز المؤسسة وخدماتها التواصل والتعاون مع مؤسسات الرعاية والتأمين الاجتماعي والصحي في كل من السويد والدنمرك وبريطانيا وسويسرا ومكتب العمل الدولى ومؤسسات الأمم المتحدة ّذات العلاقة.. فهيئت هذ الصلات الفنية والعملية فرصة ممتازة افادت المؤسسة بافضل ماوصل اليه الابداع الانساني في مجال عملها ..ودعم ذلك الاصرار والثبات الذي طبع مسلك الاستاذ ابراهيم في قيادة المؤسسة..وتسييرها على الانضباط والالتزام والجدية والحزم .. فكان العاملون في الؤسسة مواضبين على العمل حريصين على أوقاته حريصن على اثقان العمل وحسن أداءه .. ملتزمين بقيافة ونظافة وحسن هندام ونظام ورتابة متميزة عرفت بها المؤسسة الوطنية للتأمين الاجتماعي بين مختلف مؤسسات الدولة آنذاك . وأصر الاستاذ ابراهيم على ضرورة استمرار عملية التدريب والتأهيل لأطول مدة ممكنة رغم كل ما اعترى العمل المؤسسي في ليبيا من معوقات وعراقيل بعد سبتمبر 1969م ، ومجئ اللجان الشعبية والثورية بدورهما المدمر الهدام .
أتسم عمل المؤسسة الوطنية للتأمين الاجتماعى بذات الطابع الجدي المنظم في مختلف المواقع.. في المراكز والفروع .. في المستشفيات والمستوصفات .. في الحواظر والارياف .. وكان وراء ذلك ارادة ابراهيم الفقيه حسن ومساعدية المدربين على الاتقان والتفاني وكان رحمه الله قدوتهم العملية في ذلك .
أتسم رحمه الله برؤية استراتيجية تعنى بالتخطيط على المدى البعيد واستشراف أفاق عريضة للعمل تجلت في اهتمامه بالتأهيل والتدريب وايلإهما اولوية خاصة – كما سلف الذكر – واهتمامه المتميز باستثمار أموال المؤسسة في مشاريع مربحة لضمان استمرارية عملها وادئها لدورها.. وقد بداء ذلك باستثمار العقارات التي آلت الى المؤسسه من سابقتها الايطالية.. ثم استثمار عوائد التأمين والأموال التي تخصص من قبل الحكومة في فترات متباعدة. وكان حرص الاستاذ ابراهيم شديد على المال العام ادارة وانفاقا ولايتساهل في ذلك الأمر على الاطلاق.
ومن السياسات الرا ئدة والبعيدة النظر للأستاذ ابراهيم التعاون الوثيق الذي ربط المؤسسة الوطنية للتأمين الاجتماعي بمكتب العمل الدولي وعدد أخر من المنظمات الدولية والأقليمية .. الى حد جعل تلك المنظمات تتعاقد مع المؤسسة في ليبيا لتدريب المتدربين في برامج مساعداتها الأقليمية من مختلف بلدان منطقة الشرق ألاوسط وافريقيا كماأوكلت اليها مهام الاعداد لتلك البرامج والتقييم للعناصر المتدربة .
ودرجت المؤسسة على تطوير عملها كما وكيفا بصفة مستمرة و على مدى مختلف الفترات بسيسات متتابعة ومستفيدة من التطور العالمي في مجال الرعاية الاجتماعية والصحية والتامين ..مستعينة بافضل الخبرات من الدول المتقدمة .
لايعرف الكثير من الليبيين الاستاذ ابراهيم الفقيه حسن بشخصه.. ولكن غالبيهم يعرفون انجازاته وأعماله .. كخدمات راقية ومثقنة قدمتها الؤسسة الوطنية للتأمين الاجتماعي .. أو كصروح استشمارية لازالت ماثلة تحكي تاريخه العملي و الوطني رغم ما اعتراها من عبث وتدمير على يد الغوغاء والجهلة .
الأستاذ ابراهيم الفقيه حسن رجل هادئ قليل الكلام كثير العمل .. ورغم أنه رجل مِؤدب خلوق يحسب كلماته جيدا الا انه صريح في مواطن الحق.. لا يداهن في حق عام ولايفرط في مصلحة وطنية .. ومع انه قبل على مضض مهمة ما يعرف بأماته اللجنة الشعبية للضمان الاجتماعي ( وزارة الشؤن الاجتماعية ).. الا أنه حاول جاهدا الا يستعمل من خلال هذا الموقع بما يخالف قناعاته.. وبلغة أخرى حاول أن يتفادى مايمكن تفاديه ويحسن ما استطاع الى الاحسان سبيل - جاعلا نصب اعينه المصلحة العامة للوطن والمواطن - في خظم عملي صعب محاط بالحرج والمكاره .
الأستاذ ابراهيم الفقيه حسن كان كادرا تكنوقراطيا بما تعني الكلمة ، غير أنه اتسم بشخصية ديناميكية ذات مبادرة وكفاءة وارادة أخرجته من جمود الموظفين الي حيوية القيادة العملية المبدعة في رسم السياسات واتخاذ القرارات ، والفعالة في تطبيق السياسات وتنفيذ الخطط .
كان رحمه الله رجلا محبا للعمل متفاني في أداء واجبه بعيدا عن التظاهر والمباهاة والمزايدة .. وطني في تطلعاته ومراميه ولا أدل على ذلك من قولة ( كل الليبين فقراء وأنا واحد منهم .. انا نفسي فقير .. ينبغي أن نهتم بكل الليبين لأنهم كلهم فقراء ) لعلي بهذه الكلمات القليلة قمت ببعض قليل من واجب من أجل انصاف هذا الرجل الوطني المهم الذي ودعناه في صمت دون أن يحظى بمايليق به من انصاف وتبجيل .. رحم الله الاستاذ ابراهيم الفقيه حسن رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق