السبت، 8 أكتوبر 2011

من منكم يعرف الأستاذ المرحوم "إبراهيم الفقيه حسن "


من منكم يعرف الأستاذ المرحوم "إبراهيم الفقيه حسن " إلي كل من يمجد الحثالة التي عملت في عهد الدكتاتور هذا هو إبراهيم الفقيه حسن
إبراهيم الفقيه حسن هو النجل الأكبر للزعيم الوطني الكبير على الفقيه حسن، الذي عقد في منزله بوسعاية الفقيه حسن سنة 1944 أول تجمع وطني تم الاتفاق فيه على تأسيس الحزب الوطني ووضع ميثاق ( أول حزب سياسي فى ليبيا ) بعد هزيمة الألمان على الجبهة المصرية ، فى الحرب العالمية الثانية وخروج الطليان النهائي من ليبيا .
وانتخب الاجتماع الموسع التأسيى ، شقيقه الشاعر الأديب ، الأستاذ احمد الفقيه حسن رئيسا للحزب . وقد أسس على الفقيه حسن بعد ذلك بسنتين ،حزب ( الكتلة الوطنية الحرة ) الذى تصدى سنة 1948 و49 للمناورات الاستعمارية ورفض كل المساومات التى أرادت إدارات الاحتلال البريطاني والفرنسي أن تخترق بها صفوف المطالبين بالاستقلال الكامل ووحدة التراب الوطني والمتشددين فى العمل على إقامة الدولة المستقلة على أساس من الإرادة الشعبية الحرة وروح العصر واتجاهات التقدم .
وقد نشأ الشاب إبراهيم الفقيه حسن فى وسط شباب هذا الحزب وشارك فى كل مواقع نضاله ، وتوجه سنة 1950 إلى مصر ليلتحق بكلية الحقوق فى جامعة الملك فاروق بالإسكندرية ، التى سميت بعد انقلاب يوليو 1952 بجامعة الإسكندرية ، وبعد تخرجه وإنهاء دراساته ،عاد إلى أرض الوطن وتفرّغ للمشاركة فى خدمة بلاده ، فعيّن مستشارا قانونيا لوزارة العمل والشئون الاجتماعية ، وفى عهد وزارة السيد محمد عثمان الصيد ، أختاره الصحفي الوطني والبرلماني البارز، الوزير، الأستاذ عبد المولى لنقى ليكون المدير العام لصندوق الضمان الاجتماعي ، الذى تحوّل بعيد ذلك إلى ( مؤسسة الضمان الاجتماعي ) حيث نجح المرحوم إبراهيم ، بثقافته وخبرته ونزاهته ، فى استكمال هياكلها التنظيمية والقانونية وكوادرها الإدارية ومرافقها الفنية والصحية حتى تتكامل إمكانياتها وتشمل بخدماتها الاجتماعية والتأمينية أوسع الفئات من مستحقي هذه الخدمات .. من الموظفين والعمال وأفراد الشعب .
كما اختير الفقيد إبراهيم الفقيه حسن إلى جانب مهامه ، بما عرف عنه من استقامة ونزاهة وصلاح ، عضوا فى عديد من اللجان الإدارية والفنية والعلاقات مع الدول ، وكان عضوا أيضا فى اللجنة التى شكلتها وزارة النفط سنة 1966 لفحص طلبات المتقدمين من شركات النفط العالمية ، المشاركة فى العطاءات الدولية ، للحصول على امتيازات جديدة للتنقيب عن النفط .
ومثل الفقيد الراحل بلاده ، فى عديد من المؤتمرات الدولية ، وتلقى دعوات من دول أوروبية لزيارة بلدانها والتحدث عن مشاريع ( التأمين الاجتماعي ) وعما حققته المملكة الليبية من تقدم وإنجازات فى مجال الخدمات الاجتماعية التى سبقت بها المملكة الليبية ، معظم بلدان الشرق الأوسط بما فى ذلك مصر!
وكان الاتحاد السوفييتي أحد أهم الدول التى دعت الأستاذ إبراهيم الفقيه حسن فى منتصف الستينات ، وفوجئ السوفيت - من خلال مؤتمراته الصحفية - ومحاضرته التى ألقاها فى إحدى قاعات " الحزب الشيوعي " الكبرى فى موسكو ، بما تقدمه الدولة ( فى المملكة الليبية ) من اهتمام خاص بهذا الجانب وما حققته على صعيد الخدمات الاجتماعية من تقدم ! بعد " الانقلاب " الذى داهم المملكة الليبية واستيلاء العسكر الصغار على السلطة فى الأول من سبتمبر 1969، تعرض إبراهيم الفقيه حسن مثل ما تعرض له الكثير من الكوادر المهمة للعهد الملكي للإهمال والتهميش واللامبالاة ، ثم قرر" العسكر" بناء على " نصيحة " من مستشاري الرئيس جمال عبد الناصر ضرورة الاستعانة ببعض كفاءات العهد ( المباد ) لتسيير العمل وتحسين صورة الانقلاب وطمأنة الأجانب ؟ فأعيد الفقيه حسن إلى دائرة الضوء ومراكز الاهتمام ، ثم ما لبثوا أن عينوه وزيرا لشئون الضمان الاجتماعي ، ولكنه رغم الأجواء التى سادت البلاد من خراب الذمم واستغلال المراكز الوظيفية المتقدمة والسباق نحو جمع المال ، ظل إبراهيم الفقيه حسن هو النموذج السليم والقليل من " الليبيين " الذين لا تغيرهم الظروف ولا تحيد بهم عن جادة الاستقامة والصدق والنزاهة وينزلقوا إلى مستوى الشبهات ومواقع الزلل .. ونفذت بأمره وفى عهد إدارته مشاريع بناء مجمع ( ارم ذات العماد ومبنى الهوتيل الكبير ) وغيرها من مشاريع الاستثمار لصندوق الضمان الاجتماعي ، وبقى إبراهيم الفقيه حسن كما هو ، ذلك الرجل الشريف والموظف الأمين الذى لا تمتد يده إلى أبعد من راتبه الشهري ويعيش عيش الكفاف ، بينما يغرف " الآخرون " باليمين والشمال ، ويشيدون أهرامات المال المنهوب ، خارج البلد وهم يرددون بصفاقة وعهر : كل هذا من فضل .. ربّى !!
ولذلك لقي الرجل ، جزاءه من أولى الأمر، فى جماهيرية الغوغاء والحثالات والفوضى ، بعد إحالته للتقاعد ، كل الإهمال والجحود والحقد الذى تمثل فى تعمّد عدم الاهتمام بانهيار صحته والإصرار على عدم إرساله للعلاج فى الخارج ، كما هو الشأن فى التعامل مع عملاء النظام ، وكما كان يحظى به خدمه ولصوصه وعناصر تسلطه ممن هم على شاكلة : على خشيم وعلى مصطفى الظراط ، والإرهابي الدموي محمد المجذوب ، أولئك الذين توفدهم ( دولة الحقراء ) ليس فقط للعلاج فى الخارج على حساب المجتمع ، بل للتسوّح والاستشفاء والاستجمام فى منتجعات سويسرا ومصحات فرنسا وإنجلترا ، على مدى الشهور والأعوام !!
وتشاء الأقدار، أن يرقد إبراهيم الفقيه حسن بالمستشفى الذى كان يسمى بمستشفى ( كانيفا ) والذي تمكن إبراهيم نفسه من افتكاكه ، من طرف محتليه الانجليزسنة 1964 ليحوّله بالجهد الذى بذل إلى أرقى وأهم مستشفيات الضمان الاجتماعي فى المملكة ، وتشاء الأقدار أن يبقى به فى عهد انهيار المرافق الصحية " للجماهيرية " وانحطاط هذا المستشفى واضمحلاله ، حتى لقي وجه ربه يوم الجمعة الماضية !
إبراهيم الفقيه حسن ، حسن السيرة وعظيم الأخلاق ، متزوج من سيدة إنجليزية له منها شاب وشابة ، وخرج من هذه الدنيا على الرغم مما مر به من فرص وإمكانيات ، خرج براتبه التقاعدى والمنزل الذى مكنته الحكومة من السكن فيه . ولكنه سيلاقى وجه ربه بما وعد به الإله العادل ، المتقين والأبرار والصالحين من عباده .
رحم الله إبراهيم الفقيه حسن رجل الكفاءة والاستقامة والنزاهة والصلاح وأكرم مثواه وأسكنه فسيح جنانه ، مع الصدّيقين والأبرار والصالحين ، وشهداء الكارثة التى حلت بليبيا ومع ضحايا هذا العهد المظلم الفاسد الرديء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق